الأمم الماضية المكذبة لرسلهم " قل فانتظروا إني معكم من المنتظرين * ثم ننجي رسلنا والذين آمنوا " أي ونهلك المكذبين بالرسل " كذلك حقا علينا ننجي المؤمنين " أي حقا أوجبه الله على نفسه الكريمة كقوله " كتب ربكم على نفسه الرحمة " وكما جاء في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال " إن الله كتب كتابا فهو عنده فوق العرش: إن رحمتي سبقت غضبي ".
قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من ديني فلا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أ عبد الله الذي يتوفاكم وأمرت أن أكون من المؤمنين (104) وأن أقم وجهك للدين حنيفا ولا تكونن من المشركين (105) ولا تدع من دون الله ما لا ينفعك ولا يضرك فإن فعلت فإنك إذا من الظالمين (106) وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم (107) يقول تعالى لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم قل يا أيها الناس إن كنتم في شك من صحة ما جئتكم به من الدين الحنيف الذي أوحاه الله إلي فأنا لا أعبد الذين تعبدون من دون الله ولكن أ عبد الله وحده لا شريك له وهو الذي يتوفاكم كما أحياكم ثم إليه مرجعكم فإن كانت آلهتكم التي تدعون من دون الله حقا فأنا لا أعبدها فادعوها فلتضرني فإنها لا تضر ولا تنفع وإنما الذي بيده الضر والنفع هو الله وحده لا شريك له وأمرت أن أكون من المؤمنين وقوله " وأن أقم وجهك للدين حنيفا " الآية، أي أخلص العبادة لله وحده حنيفا أي منحرفا عن الشرك ولهذا قال " ولا تكونن من المشركين " وهو معطوف على قوله " وأمرت أن أكون من المؤمنين " وقوله " وإن يمسسك الله بضر " الآية فيه بيان لان الخير والشر والنفع والضر إنما هو راجع إلى الله تعالى وحده لا يشاركه في ذلك أحد فهو الذي يستحق العبادة وحده لا شريك له روى الحافظ ابن عساكر في ترجمة صفوان بن سليم من طريق عبد الله بن وهب أخبرني يحيى بن أيوب عن عيسى بن موسى عن صفوان بن سليم عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " اطلبوا الخير دهركم كله وتعرضوا لنفحات ربكم فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده واسألوه أن يستر عوراتكم ويؤمن روعاتكم " ثم رواه من طريق الليث عن عيسى بن موسى عن صفوان عن رجل من أشجع عن أبي هريرة مرفوعا بمثله سواء وقوله " وهو الغفور الرحيم " أي لمن تاب إليه وتوكل عليه ولو من أي ذنب كان حتى من الشرك به فإنه يتوب عليه.
قل يا أيها الناس قد جاءكم الحق من ربكم فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضل فإنما يضل عليها وما أنا عليكم بوكيل (108) واتبع ما يوحى إليك واصبر حتى يحكم الله وهو خير الحاكمين (109) يقول تعالى آمرا لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يخبر الناس أن الذي جاءهم به من عند الله هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك فيه فمن اهتدى به واتبعه فإنما يعود نفع ذلك الاتباع على نفسه ومن ضل عنه فإنما يرجع وبال ذلك عليه " وما أنا عليكم بوكيل " أي وما أنا موكل بكم حتى تكونوا مؤمنين وإنما أنا نذير لكم والهداية على الله تعالى وقوله " واتبع ما يوحى إليك واصبر " أي تمسك بما أنزل الله عليك وأوحاه إليك واصبر على مخالفة من خالفك من الناس " حتى يحكم الله " أي يفتح بينك وبينهم " وهو خير الحاكمين " أي خير الفاتحين بعدله وحكمته.
سورة هود قال الحافظ أبو يعلى حدثنا خلف بن هشام البزار حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن عكرمة قال: قال أبو بكر