الرجل ليصلي الصلاة الطويلة في بيته وعنده الزوار وما يشعرون به ولقد أدركنا أقواما ما كان على الأرض من عمل يقدرون أن يعملوه في السر فيكون علانية أبدا لقد كان المسلمون يجتهدون في الدعاء وما يسمع لهم صوت إن كان إلا همسا بينهم وبين ربهم وذلك أن الله تعالى يقول " ادعوا ربكم تضرعا وخفية " وذلك أن الله ذكر عبدا صالحا رضي فعله فقال " إذ نادى ربه نداء خفيا " وقال ابن جريج يكره رفع الصوت والنداء والصياح في الدعاء ويؤمر بالتضرع والاستكانة ثم روي عن عطاء الخراساني عن ابن عباس في قوله " إنه لا يحب المعتدين " في الدعاء ولا في غيره وقال أبو مجلز " إنه لا يحب المعتدين " لا يسأل منازل الأنبياء وقال أحمد حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن زياد بن مخراق سمعت أبا نعامة عن مولى لسعد أن سعدا سمع ابنا له يدعو وهو يقول اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها واستبرقها ونحوا من هذا وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها فقال لقد سألت الله خيرا كثيرا وتعوذت به من شر كثير وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء " - وفي لفظ - " يعتدون في الطهور والدعاء " - وقرأ هذه الآية " ادعوا ربكم تضرعا " الآية - وإن بحسبك أن تقول اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل " ورواه أبو داود من حديث شعبة عن زياد بن مخراق عن أبي نعامة عن مولى لسعد عن سعد فذكره والله أعلم وقال الإمام أحمد حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا الحريري عن أبي نعامة أن عبد الله بن مغفل سمع ابنه يقول اللهم إني أسألك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها فقال يا بني سل الله الجنة وعذ به من النار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " يكون قوم يعتدون في الدعاء والطهور ". وهكذا رواه ابن ماجة عن أبي بكر بن أبي شيبة عن عفان به وأخرجه أبو داود عن موسى بن إسماعيل عن حماد بن سلمة عن سعيد بن إياس الحريري عن أبي نعامة واسمه قيس بن عباية الحنفي البصري وهو إسناد حسن لا بأس به والله أعلم وقوله تعالي " ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها " ينهى تعالى عن الافساد في الأرض وما أضره بعد الاصلاح فإنه إذا كانت الأمور ماشية على السداد ثم وقع الافساد بعد ذلك كان أضر ما يكون على العباد فنهى تعالى عن ذلك وأمر بعبادته ودعائه والتضرع إليه والتذلل لديه فقال " وادعوه خوفا وطعما " أي خوفا مما عنده من وبيل العقاب وطمعا فيما عنده من جزيل الثواب ثم قال " إن رحمة الله قريب من المحسنين " أي إن رحمته مرصدة للمحسنين الذين يتبعون أوامره ويتركون زواجره كما قال تعالى " ورحمتي وسعت كل شئ فسأكتبها للذين يتقون " الآية. وقال قريب ولم يقل قريبة لأنه ضمن الرحمة معنى الثواب أو لأنها مضافة إلى الله فلهذا قال قريب من المحسنين وقال مطر الوراق استنجزوا موعود الله بطاعته فإنه قضى أن رحمته قريب من المحسنين رواه ابن أبي حاتم.
وهو الذي يرسل الرياح بشرا بين يدي رحمته حتى إذا أقلت سحابا ثقالا سقناه لبلد ميت فأنزلنا به الماء فأخرجنا به من كل الثمرات كذلك نخرج الموتى لعلكم تذكرون (57) والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه والذي خبث لا يخرج إلا نكدا كذلك نصرف الآيات لقوم يشكرون (58) لما ذكر تعالى أنه خالق السماوات والأرض وأنه المتصرف الحاكم المدبر المسخر وأرشد إلى دعائه لأنه على ما يشاء قادر نبه تعالى على أنه الرزاق وأنه يعيد الموتى يوم القيامة فقال " وهو الذي يرسل الرياح بشرا " أي منتشرة بين يدي السحاب الحامل للمطر ومنهم من قرأ بشرا كقوله " ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات " وقوله " بين يدي رحمته " أي بين يدي المطر كما قال " وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد " وقال " فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شئ