وجه الأرض ثم مكث سبعة أيام ثم أرسلها فلم ترجع فعلم نوح أن الأرض قد برزت فلما كملت السنة فيما بين أن أرسل الله الطوفان إلى أن أرسل نوح الحمامة ودخل يوم واحد من الشهر الأول من سنة اثنتين برز وجه الأرض وظهر البر وكشف نوح غطاء الفلك وفي الشهر الثاني من سنة اثنتين في ست وعشرين ليلة منه " قيل يا نوح اهبط بسلام منا " الآية.
تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين (49) يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم هذه القصة وأشباهها " من أنباء الغيب " يعني من أخبار الغيوب السالفة نوحيها إليك على وجهها كأنك شاهدها نوحيها إليك أي نعلمك بها وحيا منا إليك " ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا " أي لم يكن عندك ولا عند أحد من قومك علم بها حتى يقول من يكذبك إنك تعلمتها منه بل أخبرك الله بها مطابقة لما كان عليه الامر الصحيح كما تشهد به كتب الأنبياء قبلك فاصبر على تكذيب من كذبك من قومك وأذاهم لك فإنا سننصرك ونحوطك بعنايتنا ونجعل العاقبة لك ولاتبعاك في الدنيا والآخرة كما فعلنا بالمرسلين حيث نصرناهم على أعدائهم " إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا " الآية. وقال تعالى " ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين إنهم لهم المنصورون " الآية. وقال تعالى " فاصبر إن العاقبة للمتقين ".
وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون (50) يا قوم لا أسئلكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون (51) ويا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين (52) يقول تعالى " و " لقد أرسلنا " إلى عاد أخاهم هودا " آمرا لهم بعبادة الله وحده لا شريك له ناهيا لهم عن الأوثان التي افتروها واختلقوا لها أسماء الآلهة وأخبرهم أنه لا يريد منهم أجرة على هذا النصح والبلاغ من الله إنما يبغي ثوابه من الله الذي فطره أفلا تعقلون من يدعوكم إلى ما يصلحكم في الدنيا والآخرة من غير أجرة ثم أمرهم بالاستغفار الذي فيه تكفير الذنوب السالفة وبالتوبة عما يستقبلون ومن اتصف بهذه الصفة يسر الله عليه رزقه وسهل عليه أمره وحفظ شأنه ولهذا قال " يرسل السماء عليكم مدرارا " وفي الحديث " من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب ".
قالوا يا يهود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين (53) إن تقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله واشهدوا أني برئ مما تشركون (54) من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون (55) إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط مستقيم (56) يخبر تعالى أنهم قالوا لنبيهم " ما جئتنا ببينة " أي بحجة وبرهان على ما تدعيه " وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك " أي بمجرد قولك اتركوهم نتركهم " وما نحن لك بمؤمنين " بمصدقين " إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء " يقولون ما نظن إلا أن بعض الآلهة أصابك بجنون وخبل في عقلك بسبب نهيك عن عبادتها وعيبك لها " قال إني أشهد الله واشهدوا أني برئ مما تشركون من دونه " يقول إني برئ من جميع الأنداد والأصنام " فكيدوني جميعا " أي أنتم وآلهتكم إن كانت حقا " ثم لا تنظرون " أي طرفة عين وقوله " إني توكلت على الله ربي وربكم