رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وقد مات قالت أم العلاء رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وما يدريك أن الله أكرمه؟ " فقلت بأبي وأمي يا رسول الله فمن؟
فقال " أما هو فقد جاءه اليقين وإني لأرجو له الخير " ويستدل بهذه الآية الكريمة وهى قوله " وأعبد ربك حتى يأتيك اليقين " على أن العبادة كالصلاة ونحوها واجبة على الانسان ما دام عقله ثابتا فيصلي بحسب حاله كما ثبت في صحيح البخاري عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب " ويستدل بها على تخطئة من ذهب من الملاحدة إلى أن المراد باليقين المعرفة فمتى وصل أحدهم إلى المعرفة سقط عنه التكليف عندهم وهذا كفر وضلال وجهل فإن الأنبياء عليهم السلام كانوا هم وأصحابهم أعلم الناس بالله وأعرفهم بحقوقه وصفاته وما يستحق من التعظيم وكانوا مع هذا أعبد وأكثر الناس عبادة ومواظبة على فعل الخيرات إلى حين الوفاة وإنما المراد باليقين ههنا الموت كما قدمناه ولله الحمد والمنة والحمد لله على الهداية وعليه الاستعانة والتوكل وهو المسؤول أن يتوفانا على أكمل الأحوال وأحسنها فإنه جواد كريم. آخر تفسير سورة الحجر والحمد لله رب العالمين.
سورة النحل بسم الله الرحمن الرحيم أتى أمر الله فلا تستعجلوه سبحانه وتعالى عما يشركون (1) يخبر تعالى عن اقتراب الساعة ودنوها معبرا بصيغة الماضي الدال على التحقيق والوقوع لا محالة كقوله " اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون " وقال " اقتربت الساعة وانشق القمر " وقوله " فلا تستعجلوه " أي قرب ما تباعد " فلا تستعجلوه " يحتمل أن يعود الضمير على الله ويحتمل أن يعود على العذاب وكلاهما متلازم كما قال تعالى " ويستعجلونك بالعذاب ولولا أجل مسمى لجاءهم العذاب وليأتينهم بغتة وهم لا يشعرون * يستعجلونك بالعذاب وإن جهنم لمحيطة بالكافرين " وقد ذهب الضحاك في تفسير هذه الآية إلى قول عجيب فقال في قوله " أتى أمر الله " أي فرائضه وحدوده وقد رده ابن جرير فقال: لا نعلم أحدا استعجل بالفرائض وبالشرائع قبل وجودها بخلاف العذاب فإنهم استعجلوه قبل كونه استبعادا وتكذيبا قلت كما قال تعالى " يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد ".
وقال ابن أبي حاتم: ذكر عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن محمد بن عبد الله مولى المغيرة بن شعبة عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن حجيرة عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " تطلع عليكم عند الساعة سحابة سوداء من المغرب مثل الترس فما تزال ترتفع في السماء ثم ينادي مناد فيها:
أيها الناس فيقبل الناس بعضهم على بعض هل سمعتم؟ فمنهم من يقول نعم ومنهم من يشك ثم ينادي الثانية يا أيها الناس فيقول الناس بعضهم لبعض: هل سمعتم؟ فيقولون نعم ثم ينادي الثالثة أيها الناس أتى أمر الله فلا تستعجلوه " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " فوالذي نفسي بيده إن الرجلين لينشران الثوب فما يطويانه أبدا وإن الرجل ليمدن حوضه فما يسقي فيه شيئا أبدا وإن الرجل ليحلب ناقته فما يشربه أبدا - قال - ويشتغل الناس " ثم إنه تعالى نزه نفسه عن شركهم به غيره وعبادتهم معه ما سواه من الأوثان والأنداد تعالى وتقدس علوا كبيرا وهؤلاء هم المكذبون بالساعة فقال " سبحانه وتعالى عما يشركون ".