وقوله تعالى " قال الكافرون إن هذا لساحر مبين " أي مع أنا بعثنا إليهم رسولا منهم رجلا من جنسهم بشيرا ونذيرا " قال الكافرون إن هذا لساحر مبين " أي ظاهروهم الكاذبون في ذلك.
إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يدبر الامر ما من شفيع إلا من بعد إذنه ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون (3) يخبر تعالى أنه رب العالم جميعه وأنه خلق السماوات والأرض في ستة أيام قيل كهذه الأيام وقيل كل يوم كألف سنة مما تعدون كما سيأتي بيانه ثم استوى على العرش والعرش أعظم المخلوقات وسقفها قال ابن أبي حاتم: حدثنا حجاج بن حمزة حدثنا أبو أسامة حدثنا إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت سعدا الطائي يقول:
العرش ياقوتة حمراء وقال وهب بن منبه خلقه الله من نوره وهذا غريب وقوله " يدبر الامر " أي يدبر أمر الخلائق " لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض " ولا يشغله شأن عن شأن ولا تغلطه المسائل ولا يتبرم بإلحاح الملحين ولا يلهيه تدبير الكبير عن الصغير في الجبال والبحار والعمران والقفار " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها " الآية " وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين " وقال الدراوردي عن سعد بن إسحاق بن كعب بن عجرة أنه قال حين نزلت هذه الآية " إن ربكم الله الذي خلق السماوات والأرض " الآية لقيهم ركب عظيم لا يرون إلا أنهم من العرب فقالوا لهم من أنتم؟ قالوا من الجن خرجنا من المدينة أخرجتنا هذه الآية رواه أبن أبي حاتم وقوله " ما من شفيع إلا من بعد إذنه " كقوله تعالى " من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه " وقوله تعالى " وكم من ملك في السماوات لا تغني شفاعتهم شيئا إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى " وقوله " ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له " وقوله " ذلكم الله ربكم فاعبدوه أفلا تذكرون " أي أفردوه بالعبادة وحده لا شريك له " أفلا تذكرون " أي أيها المشركون في أمركم تعبدون مع الله إلها غيره وأنتم تعلمون أنه المتفرد بالخلق كقوله تعالى " ولئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله " وقوله " قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم * سيقولون الله قل أفلا تتقون " وكذا الآية التي قبلها والتي بعدها.
إليه مرجعكم جميعا وعد الله حقا إنه يبدؤا الخلق ثم يعيده ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون (4) يخبر تعالى أن إليه مرجع الخلائق يوم القيامة لا يترك منهم أحدا حتى يعيده كما بدأه ثم ذكر تعالى أنه كما بدأ الخلق كذلك يعيده " وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه " " ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات بالقسط " أي بالعدل والجزاء الأوفى " والذين كفروا لهم شراب من حميم وعذاب أليم بما كانوا يكفرون " أي بسبب كفرهم يعذبون يوم القيامة بأنواع العذاب من سموم وحميم وظل من يحموم " هذا فليذوقوه حميم وغساق وآخر من شكله أزواج " " هذه جهنم التي يكذب بها المجرمون يطوفون بينها وبين حميم آن ".
هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ما خلق الله ذلك إلا بالحق يفصل الآيات لقوم يعلمون (5) إن في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لآيات لقوم يتقون (6)