وقال ابن أبي حاتم حدثنا الحسن بن عرفة حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي بحينة عن حفص بن عمر بن أبي الزبير عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان ليعقوب النبي عليه السلام أخ مؤاخ له فقال له ذات يوم ما الذي أذهب بصرك وقوس ظهرك؟ قال أما الذي أذهب بصري فالبكاء على يوسف وأما الذي قوس ظهري فالحزن على بنيامين فأتاه جبريل عليه السلام فقال يا يعقوب إن الله يقرئك السلام ويقول لك أما تستحي أن تشكوني إلى غيري؟ فقال يعقوب إنما أشكو بثي وحزني إلى الله فقال جبريل عليه السلام الله أعلم " بما تشكو " وهذا حديث غريب في نكارة.
يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون (87) فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين (88) يقول تعالى مخبرا عن يعقوب عليه السلام إنه ندب بنيه على الذهاب في الأرض يستعلمون أخبار يوسف وأخيه بنيامين والتحسس يكون في الخير والتجسس يكون في الشر ونهضهم وبشرهم وأمرهم أن لا ييأسوا من روح الله أي لا يقطعوا رجاءهم وأملهم من الله فيما يرومونه ويقصدونه فإنه لا يقطع الرجاء ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون. وقوله " فلما دخلوا عليه " تقدير الكلام: فذهبوا فدخلوا مصر ودخلوا على يوسف " قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر " يعنون من الجدب والقحط وقلة الطعام " وجئنا ببضاعة مزجاة " أي ومعنا ثمن الطعام الذي نمتاره وهو ثمن قليل قاله مجاهد والحسن وغير واحد وقال ابن عباس الردئ لا ينفق مثل خلق الغرارة والحبل والشئ وفى رواية عنه الدراهم الرديئة التي لا تجوز إلا بنقصان وكذا قال قتادة والسدي وقال سعيد بن جبير: هي الدراهم الفسول وقال أبن صالح هو الصنوبر وحبة الخضراء وقال الضحاك كاسده لا تنفق وقال أبو صالح جاءوا بحب البطم الأخضر والصنوبر وأصل الازجاء الدفع لضعف الشئ كما قال حاتم طئ ليبك على ملحان ضيف مدافع * وأرملة تزجى مع الليل أرملا وقال أعشى بني ثعلبة الواهب المائة الهجان وعبدها * عوذا تزجي خلفها أطفالها وقوله إخبارا عنهم " فأوف لنا الكيل " أي أعطنا بهذا الثمن القليل ما كنت تعطينا قبل ذلك وقرأ ابن مسعود: فأوقر ركابنا وتصدق علينا وقال ابن جريج وتصدق علينا برد أخينا إلينا وقال سعيد بن جبير والسدي " وتصدق علينا " يقولون تصدق علينا بقبض هذه البضاعة المزجاة وتجوز فيها وسئل سفيان بن عيينة: هل حرمت الصدقة على أحد من الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال ألم تسمع قوله " فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين "؟
رواه ابن جرير عن الحارث عن القاسم عنه وقال ابن جرير حدثنا الحارث حدثنا القاسم حدثنا مروان بن معاوية عن عثمان بن الأسود سمعت مجاهدا وسئل هل يكره أن يقول الرجل في دعائه: اللهم تصدق علي؟ قال نعم إنما الصدقة لمن يبتغي الثواب.
قال هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون (89) قالوا أئنك لانت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا إنه من يتق ويصبر فإن الله لا يضيع أجر المحسنين (90) قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين (91) قال لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين (92)