ليوسف وأخوه يعنون بنيامين وكان شقيقه لامه " أحب إلى أبينا منا ونحن عصبة " أي جماعة فكيف أحب ذينك الاثنين أكثر من الجماعة " إن أبانا لفي ضلال مبين " يعنون في تقديمها علينا ومحبته إياهما أكثر منا.
واعلم أنه لم يقم دليل على نبوة أخوة يوسف وظاهر هذا السياق يدل على خلاف ذلك ومن الناس من يزعم أنه أوحي إليهم بعد ذلك وفي هذا نظر ويحتاج مدعي ذلك إلى دليل ولم يذكروا سوى قوله تعالى " قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط " وهذا فيه احتمال لان بطون بني إسرائيل يقال لهم الأسباط كما يقال للعرب قبائل وللعجم شعوب يذكر تعالى أنه أوحى إلى الأنبياء من أسباط بني إسرائيل فذكرهم إجمالا لانهم كثيرون ولكن كل سبط من نسل رجل من اخوة يوسف ولم يقم دليل على أعيان هؤلاء أنهم أوحى إليهم والله أعلم. " اقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضا يخل لكم وجه أبيكم " يقولون هذا الذي يزحمكم في محبة أبيكم لكم اعدموه من وجه أبيكم ليخلو لكم وحدكم إما بأن تقتلوه أو تلقوه في أرض من الأراضي تستريحوا منه وتخلوا أنتم بأبيكم " وتكونوا من بعده قوما صالحين " فأضمروا التوبة قبل الذنب " قال قائل منهم " قال قتادة ومحمد بن إسحاق: وكان أكبرهم واسمه روبيل. وقال السدي الذي قال ذلك يهوذا وقال مجاهد هو شمعون " لا تقتلوا يوسف " أي لا تصلوا في عداوته وبغضه إلى قتله ولم يكن لهم سبيل إلى قتله لان الله تعالى كان يريد منه أمرأ لا بد من إمضائه وإتمامه من الايحاء إليه بالنبوة ومن التمكين له ببلاد مصر والحكم بها فصرفهم الله عنه بمقالة روبيل فيه وإشارته عليهم بأن يلقوه في غيابة الجب وهو أسفله. قال قتادة:
وهي بئر بيت المقدس " يلتقطه بعض السيارة " أي المارة من المسافرين فتستريحوا منه بهذا ولا حاجة إلى قتله " إن كنتم فاعلين " أي إن كنتم عازمين على ما تقولون. قال محمد بن إسحاق بن يسار: لقد اجتمعوا على أمر عظيم من قطيعة الرحم وعقوق الوالد وقلة الرأفة بالصغير الضرع الذي لا ذنب له وبالكبير الفاني ذي الحق والحرمة والفضل وخطره عند الله مع حق الوالد على ولده ليفرقوا بينه وبين أبيه وحبيبه على كبر سنه ورقة عظمه مع مكانه من الله فيمن أحبه طفلا صغيرا وبين ابنه على ضعف قوته وصغر سنه وحاجته إلى لطف والده وسكونه إليه يغفر الله لهم وهو أرحم الراحمين فقد احتملوا أمرا عظيما. رواه ابن أبي حاتم من طريق سلمة بن الفضل عنه.
قالوا يا أبانا مالك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون (11) أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون (12) لما تواطأوا على أخذه وطرحه في البئر كما أشار به عليهم أخوهم الكبير روبيل جاءوا أباهم يعقوب عليه السلام فقالوا ما بالك " لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون " وهذه توطئة ودعوى وهم يريدون خلاف ذلك لما له في قلوبهم من الحسد لحب أبيه له " أرسله معنا " أي ابعثه معنا " غدا نرتع ونلعب " وقرأ بعضهم بالياء " يرتع ويلعب " قال ابن عباس: يسعى وينشط. وكذا قال قتادة والضحاك والسدي وغيرهم " وإنا له لحافظون " يقولون ونحن نحفظه ونحوطه من أجلك.
قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون (13) قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون (14) يقول تعالى مخبرا عن نبيه يعقوب أنه قال لبنيه في جواب ما سألوا من إرسال يوسف معهم إلى الرعي في الصحراء " إني ليحزنني أن تذهبوا به " أي يشق علي مفارقته مدة ذهابكم به إلى أن يرجع وذلك لفرط محبته له لما يتسوم فيه من الخير العظيم وشمائل النبوة والكمال في الخلق والخلق صلوات الله وسلامه عليه. وقوله " وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون " يقول وأخشى أن تشتغلوا عنه برميكم ورعيكم فيأتيه ذئب فيأكله وأنتم لا