الحديث ولم يختلق هذا الحديث ولكنه وهم في رفعه فإنه رواه سفيان الثوري عن ليث وهو ابن أبي سليم عن طاوس عن أبي هريرة في الآية أنه قال نزلت في هذه الأمة وقال أبو غالب عن أبي أمامة في قوله " وكانوا شيعا " قال هم الخوارج وروى عنه مرفوعا ولا يصح وقال شعبة عن مجالد عن الشعبي عن شريح عن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها " إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا " قال: هم أصحاب البدع ". وهذا رواه ابن مردويه وهو غريب أيضا ولا يصح رفعه والظاهر أن الآية عامة في كل من فارق دين الله وكان مخالفا له فإن الله بعث رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وشرعه واحد لا اختلاف فيه ولا افتراق فمن اختلف فيه " وكانوا شيعا " أي فرقا كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات فإن الله تعالى قد برأ رسول الله صلى الله عليه وسلم مما هم فيه وهذه الآية كقوله تعالى " شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك " الآية. وفي الحديث نحن معاشر الأنبياء أولاد علات ديننا واحد " فهذا هو الصراط المستقيم وهو ما جاءت به الرسل من عبادة الله وحده لا شريك له والتسمك بشريعة الرسول المتأخر وما خالف ذلك فضلالات وجهالات وآراء وأهواء والرسل براء منها كما قال الله تعالى " لست منهم في شئ " وقوله تعالى " إنما أمرهم إلى الله ثم ينبئهم بما كانوا يفعلون " كقوله تعالى " إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئين والنصارى والمجوس والذين أشركوا إن الله يفصل بينهم يوم القيامة " الآية. ثم بين لطفه سبحانه في حكمه وعدله يوم القيامة فقال تعالى.
من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزي إلا مثلها وهم لا يظلمون (160) وهذه الآية الكريمة مفصلة لما أجمل في الآية الأخرى وهي قوله " من جاء بالحسنة فله خير منها " وقد وردت الأحاديث مطابقة لهذه الآية كما قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله حدثنا عفان حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا الجعد أبو عثمان عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما يروي عن ربه تبارك وتعالى " إن ربكم عز وجل رحيم من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرا إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة. ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له واحدة أو يمحوها الله عز وجل ولا يهلك على الله إلا هالك ". ورواه البخاري ومسلم والنسائي من حديث الجعد أبي عثمان به. وقال أحمد أيضا حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " يقول الله عز وجل من عمل حسنة فله عشر أمثالها وأزيد ومن عمل سيئة فجزاؤها مثلها أو أغفر ومن عمل قراب الأرض خطيئة ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة ومن اقترب إلى شبرا اقتربت إليه ذراعا ومن اقترب إلي ذراعا اقتربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة ". ورواه مسلم عن أبي كريب عن أبي معاوية به وعن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع عن الأعمش به. ورواه ابن ماجة عن علي بن محمد الطنافسي عن وكيع به. وقال الحافظ أبو يعلى الموصلي حدثنا شيبان حدثنا حماد حدثنا ثابت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فان عملها كتبت له عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم يكتب عليه شئ فإن عملها كتبت عليه سيئة واحدة " واعلم أن تارك السيئة الذي لا يعملها على ثلاثة أقسام تارة يتركها لله فهذا تكتب له حسنة على كفه عنها لله تعالى وهذا عمل ونية ولهذا جاء أنه يكتب له حسنة كما جاء في بعض ألفاظ الصحيح فإنما تركها من جرائي أي من أجلي وتارة يتركها نسيانا وذهولا عنها فهذا لا له ولا عليه لأنه لم ينو خيرا ولا فعل شرا وتارة يتركها عجزا وكسلا عنها بعد السعي في أسبابها والتلبس بما يقرب منها فهذا بمنزلة فاعلها كما جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ". قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول؟ قال " إنه كان حريصا على قتل صاحبه ". وقال الإمام أبو يعلى الموصلي حدثنا مجاهد بن موسى حدثنا علي وحدثنا الحسن بن