عمران ما كان لك أن تلقي نفسك من رأس النخلة فقلت والله لأنا أسر بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم من موسى بن عمران إذ بعث وهذا حديث غريب جدا. آخر تفسير سورة الرعد ولله الحمد والمنة.
سورة إبراهيم بسم الله الرحمن الرحيم الر كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم إلى صراط العزيز الحميد (1) الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض وويل للكافرين من عذاب شديد (2) الذين يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة ويصدون عن سبيل الله ويبغونها عوجا أولئك في ضلال بعيد (3) قد تقدم الكلام على الحروف المقطعة في أوائل السور " كتاب أنزلناه إليك " أي هذا كتاب أنزلناه إليك يا محمد وهو القرآن العظيم الذي هو أشرف كتاب أنزله الله من السماء على أشرف رسول بعثه الله في الأرض إلى جميع أهلها عربهم وعجمهم " لتخرج الناس من الظلمات إلى النور " أي إنما بعثناك يا محمد بهذا الكتاب لتخرج الناس مما هم فيه من الضلال والغي إلى الهدى والرشد كما قال تعالى " الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات " الآية وقال تعالى " هو الذي ينزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور " الآية وقوله " بإذن ربهم " أي هو الهادي لمن قدر له الهداية على يدي رسوله المبعوث عن أمره يهديهم " إلى صراط العزيز " أي العزيز الذي لا يمانع ولا يغالب بل هو القاهر لكل ما سواه " الحميد " أي المحمود في جميع أفعاله وأقواله وشرعه وأمره ونهيه الصادق في خبره وقوله " الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض " قرأ بعضهم مستأنفا مرفوعا وقرأ آخرون على الاتباع صفة للجلالة كقوله تعالى " قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا الذي له ملك السماوات والأرض " الآية وقوله " وويل للكافرين من عذاب شديد " أي ويل لهم يوم القيامة إذ خالفوك يا محمد وكذبوك، ثم وصفهم بأنهم يستحبون الحياة الدنيا على الآخرة أي يقدمونها ويؤثرونها عليها ويعملون للدنيا ونسوا الآخرة وتركوها وراء ظهورهم " ويصدون عن سبيل الله " وهي اتباع الرسل " ويبغونها عوجا " أي ويحبون أن تكون سبيل الله عوجا مائلة عائلة وهي مستقيمة في نفسها لا يضرها من خالفها ولا من خذلها فهم في ابتغائهم ذلك في جهل وضلال بعيد من الحق لا يرجى لهم والحالة هذه صلاح.
وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم (4) هذا من لطفه تعالى بخلقه أنه يرسل إليهم رسلا منهم بلغاتهم ليفهموا عنهم ما يريدون وما أرسلوا به إليهم كما روى الإمام أحمد حدثنا وكيع عن عمر بن ذر قال: قال مجاهد عن أبي ذر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لم يبعث الله عز وجل نبيا إلا بلغة قومه " وقوله " فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء " أي بعد البيان وإقامة الحجة عليهم يضل الله من يشاء عن وجه الهدى ويهدي من يشاء إلى الحق " وهو العزيز " الذي ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن " الحكيم " في أفعاله فيضل من يستحق الاضلال ويهدي من هو أهل لذلك وقد كانت هذه سنته في خلقه أنه ما بعث نبيا في أمة إلا أن يكون بلغتهم فاختص كل نبي بإبلاغ رسالته إلى أمته دون غيرهم واختص محمد بن