به " لفظ أحمد وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي الموالي وقوله " اليوم يئس الذين كفروا من دينكم " قال علي بن أبي طلحة: عن ابن عباس يعني يئسوا أن يراجعوا دينهم. وكذا روى عن عطاء بن أبي رباح والسدي ومقاتل بن حيان وعلى هذا المعنى يرد الحديث الثابت في الصحيح أن رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - قال: " إن الشيطان قد يئس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن بالتحريش بينهم " ويحتمل أن يكون المراد أنهم يئسوا من مشابهة المسلمين لما تميز به المسلمون من هذه الصفات المخالفة للشرك وأهله ولهذا قال تعالى آمرا لعباده المؤمنين أن يصبروا ويثبتوا في مخالفة الكفار ولا يخافوا أحدا إلا الله فقال " فلا تخشوهم واخشون " أي لا تخافوهم في مخالفتكم إياهم واخشوني أنصركم عليهم وأبيدهم وأظفركم بهم وأشف صدوركم منهم وأجعلكم فوقهم في الدنيا والآخرة وقوله " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " هذه أكبر نعم الله تعالى على هذه الأمة حيث أكمل تعالى لهم دينهم فلا يحتاجون إلى دين غيره ولا إلى نبي غير نبيهم صلوات الله وسلامه عليه ولهذا جعله الله تعالى خاتم الأنبياء وبعثه إلى الإنس والجن فلا حلال إلا ما أحله ولا حرام إلا ما حرمه ولا دين إلا ما شرعه وكل شئ أخبر به فهو حق وصدق لا كذب فيه ولا خلف كما قال تعالى " وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا " أي صدقا في الاخبار وعدلا في الأوامر والنواهي فلما أكمل لهم الدين تمت عليهم النعمة ولهذا قال تعالى " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا " أي فارضوه أنتم لأنفسكم فإنه الدين الذي أحبه الله ورضيه وبعث به أفضل الرسل الكرام وأنزل به أشرف كتبه. وقال علي بن أبي طليحة عن ابن عباس قوله " اليوم أكملت لكم دينكم " وهو الاسلام أخبر الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - والمؤمنين أنه أكمل لهم الايمان فلا يحتاجون إلى زيادة ابدا وقد أتمه الله فلا ينقصه أبدا وقد رضيه الله فلا يسخطه أبدا. وقال أسباط عن السدي: نزلت هذه الآية يوم عرفة ولم ينزل بعدها حلال ولا حرام ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمات. قالت أسماء بنت عميس: حججت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلك الحجة فبينما نحن نسير إذ تجلى له جبريل فمال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الراحلة فلم تطق الراحلة من ثقل ما عليها من القرآن فبركت فأتيته فسجيت عليه بردا كان علي.
وقال ابن جرير وغير واحد: مات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد يوم عرفة بأحد وثمانين يوما رواهما ابن جرير ثم قال: حدثنا سفيان بن وكيع حدثنا ابن فضيل عن هارون بن عنترة عن أبيه قال: لما نزلت " اليوم أكملت لكم دينكم " وذلك يوم الحج الأكبر بكى عمر فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ما يبكيك؟ قال: أبكاني أنا كنا في زيادة من ديننا فأما إذا أكمل فإنه لم يكمل شئ إلا نقص فقال (صدقت) ويشهد لهذا المعنى الحديث الثابت " إن الاسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء " وقال الإمام أحمد: حدثنا جعفر بن عون حدثنا أبو العميس عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال:
جاء رجل من اليهود إلى عمر بن الخطاب فقال: يا أمير المؤمنين إنكم تقرؤون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا قال وأي آية؟ قال قوله " اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي " فقال عمر:
والله إني لاعلم اليوم الذي نزلت على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والساعة التي نزلت فيها على رسول الله عشية عرفة في يوم جمعة. ورواه البخاري عن الحسن بن الصباح عن جعفر بن عون به. ورواه أيضا مسلم والترمذي والنسائي أيضا من طرق عن قيس بن مسلم به ولفظ البخاري عند تفسير هذه الآية من طريق سفيان الثوري عن قيس عن طارق قال: قالت اليهود لعمر: الله إنكم تقرؤون آية لو نزلت فينا لاتخذناها عيدا فقال عمر: إني لاعلم حين أنزلت وأين أنزلت وأين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حيث أنزلت يوم عرفة وأنا والله بعرفة. قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا " اليوم أكملت لكم دينكم " الآية وشك سفيان رحمه الله إن كان في الرواية فهو تورع حيث شك هل أخبره شيخه بذلك أم لا وإن كان شكا في كون الوقوف في حجة الوداع كان يوم جمعة فهذا ما أخاله يصدر عن الثوري رحمه الله. فإن هذا أمر معلوم مقطوع به لم يختلف فيه أحد من أصحاب المغازي والسير ولا من الفقهاء وقد وردت في ذلك أحاديث متواترة لا يشك في صحتها والله أعلم. وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن عمر. وقال ابن جرير: حدثني يعقوب ابن إبراهيم حدثنا ابن علية أخبرنا رجاء بن أبي سلمة أخبرنا عبادة بن نسي أخبرنا أميرنا إسحاق قال أبو جعفر بن