الحديث وذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنه يلقى من شاهق ويتبع بالحجارة كما فعل الله بقوم لوط والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
* وإلى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره ولا تنقصوا المكيال والميزان إني أراكم بخير وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط (84) يقول تعالى ولقد أرسلنا إلى مدين وهم قبيلة من العرب كانوا يسكنون بين الحجاز والشام قريبا من معان. بلادا تعرف بهم يقال لها مدين فأرسل الله إليهم شعيبا وكان من أشرفهم نسبا ولهذا قال " أخاهم شعيبا " يأمرهم بعبادة الله تعالى وحده لا شريك له وينهاهم عن التطفيف في المكيال والميزان " إني أراكم بخير " أي في معيشتكم ورزقكم وإني أخاف أن تسلبوا ما أنتم فيه بانتهاككم محارم الله " وإني أخاف عليكم عذاب يوم محيط " أي في الدار الآخرة.
ويا قوم أوفوا المكيال والميزان بالقسط ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين (85) بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين وما أنا عليكم بحفيظ (86) ينهاهم أولا عن نقص المكيال والميزان إذا أعطوا الناس ثم أمرهم بوفاء الكيل والوزن بالقسط آخذين ومعطين ونهاهم عن العثو في الأرض بالفساد وقد كانوا يقطعون الطريق، وقوله " بقية الله خير لكم " قال ابن عباس:
رزق الله خير لكم وقال الحسن رزق الله خير من بخسكم الناس وقال الربيع بن أنس وصية الله خير لكم وقال مجاهد طاعة الله وقال قتادة حظكم من الله خير لكم وقال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: الهلاك في العذاب والبقية في الرحمة وقال أبو جعفر بن جرير " بقية الله خير لكم " أي ما يفضل لكم من الربح بعد وفاء الكيل والميزان خير لكم من أخذ أموال الناس قال وقد روي هذا عن ابن عباس قلت ويشبه قوله تعالى " قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث " الآية وقوله " وما أنا عليكم بحفيظ " أي برقيب ولا حفيظ أي افعلوا ذلك لله عز وجل لا تفعلوه ليراكم الناس بل لله عز وجل.
قالوا يا شعيب أصلواتك تأمرك أن تترك ما يعبد آباؤنا أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء إنك لانت الحليم الرشيد (87) يقولون له على سبيل التهكم قبحهم الله " أصلاتك " قال الأعمش أي قراءتك " تأمرك أن تترك ما يعبد آباؤنا " أي الأوثان والأصنام " أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء " فنترك التطفيف عن قولك وهي أموالنا نفعل فيها ما نريد قال الحسن في قوله " أصلاتك تأمرك أن نترك ما يعبد آباؤنا " أي والله إن صلاته لتأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم وقال الثوري في قوله " أو أن نفعل في أموالنا ما نشاء " يعنون الزكاة " إنك لانت الحليم الرشيد " قال ابن عباس وميمون بن مهران وابن جريج وأسلم وابن جرير: يقولون ذلك أعداء الله على سبيل الاستهزاء قبحهم الله ولعنهم عن رحمته وقد فعل.
قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا وما أريد إن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الاصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب (88)