حتى جلس على شفير القبر فقال " ألحدوا ولا تشقوا فإن اللحد لنا والشق لغيرنا ". ثم رواه أحمد عن أسود بن عامر عن عبد الحميد بن جعفر الفراء عن ثابت عن زاذان عن جرير بن عبد الله فذكر نحوه وقال فيه هذا ممن عمل قليلا وأجر كثيرا، وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبي حدثنا يوسف بن موسى القطان حدثنا مهران بن أبي عمر حدثنا علي بن عبد الله عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير ساره إذ عرض له أعرابي فقال يا رسول الله والذي بعثك بالحق لقد خرجت من بلادي وتلادي ومالي لاهتدى بهداك وآخذ من قولك وما بلغتك حتى مالي طعام إلا من خضر الأرض فاعرض علي فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل فازدحمنا حوله فدخل خف بكره في بيت جرذان فتردى الاعرابي فانكسرت عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " صدق والذي بعثني بالحق لقد خرج من بلاده وتلاده وماله ليهتدي بهداي ويأخذ من قولي وما بلغني حتى ماله طعام إلا من خضر الأرض أسمعتم بالذي عمل قليلا وأجر كثيرا؟ هذا منهم أسمعتم بالذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون؟ فإن هذا منهم ".
وفي لفظ قال " هذا عمل قليلا وأجر كثيرا ". وروى ابن مردويه من حديث محمد بن يعلى الكوفي وكان نزل الري حدثنا زياد بن خيثمة عن أبي داود عن عبد الله بن سخبرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم " من أعطي فشكر ومنع فصبر وظلم فاستغفر وظلم فغفر ". وسكت قال: فقالوا يا رسول الله ماله؟ قال " أولئك لهم الامن وهم مهتدون " وقوله " وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه " أي وجهنا حجته عليهم قال مجاهد وغيره يعني بذلك قوله " وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن " الآية. وقد صدقه الله وحكم له بالأمن والهداية فقال " الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الامن وهم مهتدون " ثم قال بعد ذلك كله " وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء " قرئ بالإضافة وبلا إضافة كما في سورة يوسف وكلاهما قريب في المعنى وقوله " إن ربك حكيم عليم " أي حكيم في أقواله وأفعاله عليم أي بمن يهديه ومن يضله وإن قامت عليه الحجج والبراهين كما قال " إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم " ولهذا قال ههنا " إن ربك حكيم عليم ".
ووهبنا له إسحق ويعقوب كلا هدينا ونوحا هدينا من قبل ومن ذريته داود وسليمان وأيوب ويوسف وموسى وهارون وكذلك نجزي المحسنين (84) وزكريا ويحيى وعيسى وإلياس كل من الصالحين (85) وإسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين (86) ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم (87) ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون (88) أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين (89) أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده قل لا أسئلكم عليه أجرا إن هو إلا ذكرى للعالمين (90) يذكر تعالى أنه وهب لإبراهيم إسحق بعد أن طعن في السن وأيس هو وامرأته سارة من الولد فجاءته الملائكة وهم ذاهبون إلى قوم لوط فبشروهما بإسحق فتعجبت المرأة من ذلك وقالت " يا ويلتي أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشئ عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد " فبشروهما مع وجوده بنبوته وبأن له نسلا وعقبا كما قال تعالى " وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين " وهذا أكمل في البشارة وأعظم