ليجزي قوما.. الآية، فقد ورد في تفسيرها ما يدل على ما ذكرناه (1). بخلاف ما ذكره من تأثير السحر فيهم، وإن كان بمجرد الهم أو المرض، فإنه لم يرد دليل على أمرهم بقبول ذلك، مع وجوب دفع الضرر عن النفس مع القدرة والامكان، ولا ريب في إمكان ذلك بالنسبة إليهم - عليهم السلام -.
ألا ترى إلى ما ورد في جملة من الأخبار في دفعهم كيد السحرة الفجار، مثل ما رواه في العيون بسنده عن علي بن يقطين، قال استدعى الرشيد رجلا يبطل به أمر أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام ويقطعه ويخجله في المجلس، فانتدب له رجل مغرم، فلما أحضرت المائدة عمل ناموسا على الخبز، فكان كلما رام أبو الحسن عليه السلام تناول رغيف من الخبز طار من بين يديه، واستفز هارون الفرح والضحك لذلك، فلم يلبث أبو الحسن أن رفع رأسه إلى أسد مصور على بعض الستور، فقال له: يا أسد الله، خذ عدو الله: فوثبت تلك الصورة كأعظم ما يكون من السباع. فافترست ذلك المغرم، فخر هارون وندماؤه على وجوههم مغشيا عليهم. وطارت عقولهم خوفا من هول ما رأوا. فلما أفاقوا من ذلك بعد حين قال هارون لأبي الحسن عليه السلام: سألتك بحقي عليك لما سألت الصورة أن ترد الرجل. فقال: إن كانت عصا موسى ردت ما ابتلعته من حبال القوم وعصيهم، فإن هذه الصورة ترد ما ابتلعته من هذا الرجل: فكان ذلك أعمل الأشياء في إماتة نفسه (2): ونحو ذلك روى في كتاب الخرائج والجرايح عن الإمام الهادي عليه السلام مع المتوكل لعنه الله تعالى. وفي كتاب الثاقب في المناقب عن الصادق عليه السلام مع المنصور (3).