الاستيعاب يستفاد من مقدمات الحكمة. والتفصيل في محله.
ويشهد لذلك جواز قوله تعالى: * (تدمر كل شئ) * (1) فإنه ليس المقام مقام بيان الاستيعاب، ولا تلزم المجازية كما لا يخفى، ومضى شطر من البحث حوله عند قوله تعالى: * (كلما أضاء لهم مشوا فيه) * وذيل قوله تعالى: * (كل شئ قدير) *، وتبين هناك معنى الشئ أيضا.
بقي الكلام في هيئة " عليم " ومادته. وأما المادة فتطلب من محاله بحسب الحقيقة، وأما بحسب المعنى اللغوي فهو واضح، وسيمر عليك توضيحه - إن شاء الله تعالى - في المحال المناسبة.
وأما الهيئة: فعن سيبويه: هي للمبالغة (2)، ويكذبه قوله تعالى:
* (وفوق كل ذي علم عليم) * (3)، لأنها ليست بصدد المبالغة، والتكثير غير المبالغة، لأن أعلمية فرد عن فرد لا تستلزم المبالغة بالضرورة، وذلك لأن المبالغة من المحسنات الشعرية، وهي إلى الكذب موزونة، فلا مبالغة في صورة الصدق وإبانة الواقع. نعم بناء على القول بأن المبالغة إفادة الكثرة الواقعية، وهيئات المبالغة في لسان العرب وضعت لإفادة صدور المادة من الفاعل كثيرا، أو قيامها به كثيرا، فلا منع من كون فعيل للمبالغة، وعندئذ لابد من الالتزام بأن هيئة فاعل وضعت لإفادة أصل التلبس دون التلبس الخاص، وإلا يلزم مجازية إطلاق " عالم " على من كثر علمه، فلا تخلط.