بين الناس بعضهم مع بعض بإتيان الوظائف الاجتماعية * (ويفسدون) * أيضا هؤلاء الجماعة غير المؤمنين والكفار * (في الأرض) * وفي قطرهم أو قطر منزلهم وبلدهم، أو قطر مدينتهم وعاصمتهم ومملكتهم، ويفسدون أنحاء الفساد أو بعضا منها، من الفسادات الشرعية والعقلية والعقلائية العرفية، وحيث إنهم كان أمرهم من الأول إلى الأخير على خلاف الموازين والقسطاس، ف * (أولئك هم الخاسرون) * غير الرابحين، لأن أمورهم كانت على تلك الموازين المحررة في الشرائع السماوية وفي شريعة العقل.
وقريب منه: * (إن الله لا يستحيي) * ولا يترك ولا يمتنع ولا يخشى، بل لا يبقى في طي طريق الهداية * (أن يضرب مثلا ما) * ويتصدى بنفسه لضرب المثل، فلا تلومن رسوله بأمثال هذه الأمور، ولا ترتابوا في الكتاب لأجل اشتماله على هذه الضروب والأمثال * (بعوضة) * كانت * (فما فوقها) * أو شئ آخر خارج عن هذه السلسلة.
* (فأما الذين آمنوا) * وأظهروا الإيمان، والتحقوا بصفوف المسلمين * (فيعلمون أنه الحق من ربهم) * ولا يشكون ولا يرجعون. وهذا إغراء وترغيب في تحكيم المبادئ في أنفسهم، بعد ما كانوا مقرين بالإسلام ومحقونة دماؤهم، فالذين اعترفوا لا يناسب أن يرجعوا إلى الباطل بتشكيك الشاكين، فإن ضرب المثل ليس بشئ مهم في جانب المسائل الواقعية، ضرورة أنه كان متعارفا بين الأعراب من الابتداء * (وأما الذين كفروا) * ولم يؤمنوا، أو آمنوا ورجعوا إلى كفرهم بمجرد قوله: * (فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلا) * وذلك لأنهم كانوا مؤمنين، فنسبوا المثل إليه تعالى، وخرجوا عن الإيمان لاعتراضهم على الكتاب، الكاشف عن عدم إيمانهم بعد واقعا