المأمول، فلا حياء في أن يضرب * (مثلا ما بعوضة فما فوقها) * ولا خصوصية لها في ناحية الأمثال، فإن المثل مقرب من جهة ومبعد من جهات، فلا منع في أن يتمسك بما هو دون البعوضة وما هو فوقها بما لا يتناهى.
* (فأما الذين آمنوا) * بالله وبكتبه، وأذعنوا لهما وكان الإيمان داخلا في قلوبهم وراسخا في حقائقهم ورقائقهم * (فيعلمون أنه الحق من ربهم) *، ولا يرتابون فيه، ويحصل له منه الازدياد في إيمانهم ويشتد علمهم بالكتاب وبالنبوة والإسلام.
* (وأما الذين كفروا) * في الواقع والظاهر، أو كان إيمانهم مستودعا غير راسخ في قلوبهم * (فيقولون) * ويبرزون ما في خبايا ذواتهم وزوايا أرواحهم * (ماذا أراد الله بهذا مثلا) *، وأي شئ مراده تعالى من هذه الأمثال وضرب المثل؟ فكيف يكون ذلك من قبل الله تعالى مع أنه * (يضل به كثيرا) * ويرشدهم إلى الباطل ويوقعهم في الفساد والضلالة، وإن كان * (يهدي به كثيرا) * أيضا، إلا أنه لا يصح من الملتفت المتوجه إلى جوانب الكلام والأمثال، غافلين - هؤلاء الحمقى - وذاهلين عن المصالح العالية وعن أن القرآن وأمثاله * (وما يضل به) * وبالمثل * (إلا الفاسقين) * الذين هم فسقوا عن أمر ربهم وتجاوزوا عن حدود عقولهم وتعدوا فطرتهم.
و * (الذين ينقضون عهد الله) * ولا يوفون بوصية الله والوظائف المقررة لهم، ويكون هذا النقض وترك الوفاء * (من بعد ميثاقه) * وعقيب تأكيده وتثبيته، والذين * (يقطعون ما أمر الله به أن يوصل) *، ولا يمتثلون أمره تعالى بالصلة بين الله وبين عباده بإتيان وظائفه الفردية والاجتماعية