ارتكاب ما لا يجوز من التبذير الموجب لمنعها من التصرف فيما رزقها الله تعالى مع اتصاف إلى ذلك من كونها أم المؤمنين وخالته أخت أمه ولم يكن أحد عندها في منزلته كما تقدم التصريح به في أوائل مناقب قريش فكأنها رأت أن في ذلك الذي وقع منه نوع عقوق والشخص يستعظم ممن يلوذ به ما لا يستعظمه من الغريب فرأت أن مجازاته على ذلك بترك مكالمته كما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن كلام كعب بن مالك وصاحبيه عقوبة لهم لتخلفهم عن غزوة تبوك بغير عذر ولم يمنع من كلام من تخلف عنها من المنافقين مؤاخذة للثلاثة لعظيم منزلتهم وازدراء بالمنافقين لحقارتهم فعلى هذا يحمل ما صدر كثير عائشة وقد ذكر الخطابي أن هجر الوالد ولده والزوج زوجته ونحو ذلك لا يتضيق بالثلاث واستدل بأنه صلى الله عليه وسلم هجر نساءه شهرا وكذلك ما صدر من كثير من السلف في استجازتهم ترك مكالمة بعضهم بعضا مع علمهم بالنهي عن المهاجرة اه ما في الفتح (يلتقيان) أي يتلاقيان (فيصد هذا ويصد هذا) قال النووي معنى يصد يعرض أي يوليه عرضه بضم العين وهو جانبه والصد بضم الصاد وهو أيضا الجانب والناحية اه (وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ) أي هو أفضلهما قال النووي فيه دليل لمذهب الشافعي ومالك ومن وافقهما أن السلام يقطع الهجر ويرفع الاثم فيها ويزيله وقال أحمد وابن القاسم المالكي ترك الكلام إن كان يؤذيه لم يقطع السلام هجره قال أصحابنا ولو كاتبه أو راسله عند غيبته عنه هل يزول إثم الهجر فيه وجهان أحدهما لا يزول لأنه لم يكلمه وأصحهما يزول لزوال الوحشة اه قوله (وفي الباب عن عبد الله بن مسعود) أخرجه البزار ورواته رواه الصحيح قال المنذري في الترغيب (وأنس) أخرجه الترمذي في باب الحسد (وأبي هريرة) أخرجه أحمد ومسلم بلفظ لا هجرة بعد ثلاث وأخرجه أبو داود والنسائي عنه مرفوعا بلفظ لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار (وهشام بن عامر) أخرجه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح وأبو يعلى الطبراني وابن حبان في صحيحه وأبو بكر بن أبي شيبة كذا في الترغيب (وأبي هند الداري) لينظر من أخرجه قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه مالك والشيخان وأبو داود
(٥١)