وعوض بالألف بدلها فلا يجتمعان وفي رواية للشيخين أتاكم أهل اليمن هم أرق أفئدة وألين قلوبا الايمان يمان والحكمة يمانية وفي أخرى لهما أتاكم أهل اليمن أضعف قلوبا وأرق أفئدة الفقه يمان والحكمة يمانية وفي حديث أبي مسعود عند البخاري أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال الايمان يمان ههنا قال النووي في شرح مسلم أما ما ذكر من نسبة الايمان إلى أهل اليمن فقد صرفوه عن ظاهره من حيث أن مبدأ الايمان من مكة ثم من المدينة حرسها الله تعالى فحكى أبو عبيد أمام الغريب ثم من بعده في ذلك أقوالا أحدها أراد بذلك مكة فإنه يقال أن مكة من تهامة وتهامة من أرض اليمن والثاني المراد مكة والمدينة فإنه يروى في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الكلام وهو بتبوك ومكة والمدينة حينئذ بينه وبين اليمن فأشار إلى ناحية اليمن وهو يريد مكة والمدينة فقال الايمان يمان فنسبهما إلى اليمن لكونهما حينئذ من ناحية اليمن كما قالوا الركن اليماني وهو بمكة لكونه إلى ناحية اليمن والثالث ما ذهب إليه كثير من الناس وهو أحسنها عند أبي عبيد أن المراد بذلك الأنصار لأنهم يمانون في الأصل فنسب الايمان إليهم لكونهم أنصاره قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح ولو جمع أبو عبيد ومن سلك سبيله طرق الحديث بألفاظه كما جمعها مسلم وغيره وتأملوها لصاروا إلى غير ما ذكروه ولما تركوا الظاهر ولفظوا بأن المراد اليمن وأهل اليمن على ما هو المفهوم من إطلاق ذلك إذ من ألفاظه أتاكم أهل اليمن والأنصار من جملة المخاطبين بذلك فهم إذا غيرهم وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم جاء أهل اليمن وإنما جاء حينئذ غير الأنصار ثم إنه صلى الله عليه وسلم وصفهم بما يقضى بكمال إيمانهم ورتب عليه الايمان يمان وكان ذلك إشارة للايمان إلى من أتاه من أهل اليمن لا إلى مكة والمدينة ولا مانع من إجراء الكلام على ظاهره وحمله على أهل اليمن حقيقة لأن من اتصف بشئ وقوى قيامه به وتأكد اضطلاعه منه نسب ذلك الشئ إليه إشعارا بتميزه به وكمال حاله فيه وهكذا كان حال أهل اليمن حينئذ في الايمان وحال الوافدين منه في حياته صلى الله عليه وسلم وفي أعقاب موته كأويس القرني وأبي مسلم الخولاني وشبههما ممن سلم قلبه وقوي إيمانه فكانت نسبة الايمان إليهم لذلك إشعارا بكمال إيمانهم من غير أن يكون في ذلك نفي له عن غيرهم فلا منافاة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم الايمان في أهل الحجاز ثم المراد بذلك الموجودون منهم حينئذ لا كل أهل اليمن في كل زمان فإن اللفظ لا يقتضيه هذا هو الحق في ذلك (والكفر من قبل المشرق) وفي رواية للشيخين رأس الكفر قبل المشرق وهو بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهته وفي ذلك
(٤٢٣)