إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء رواه أبو داود وابن ماجة قلت هذا الاستدلال ليس بشئ فإن المراد بقوله فأخلصوا له الدعاء ادعوا له بالإخلاص وليس فيه نفي القراءة على الجنازة كيف وقد روى القاضي إسماعيل في كتاب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عن أبي أمامة أنه قال إن السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ بفاتحة الكتاب ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يخلص الدعاء للميت حتى يفرغ ولا يقرأ إلا مرة ثم يسلم وأخرجه ابن الجارود في المنتقى قال الحافظ ورجاله مخرج لهم في الصحيحين ففي هذا الحديث أن السنة في الصلاة على الجنازة قراءة الفاتحة وإخلاص الدعاء للميت وكذا وقع الجمع بين القراءة وإخلاص الدعاء للميت في رواية عبد الرزاق وقد تقدمت هذه الرواية واستدل الطحاوي على ترك القراءة في التكبيرة الأولى بتركها في باقي التكبيرات وترك التشهد قلت هذا الاستدلال أيضا ليس بشئ فإنه قياس في مقابلة النص وأجابوا عن أحاديث الباب بأن قراءة الفاتحة في الصلاة على الجنازة كانت على وجه الدعاء قال الطحاوي ولعل قراءة من قرأ الفاتحة من الصحابة كانت على وجه الدعاء لا على وجه التلاوة قلت هذا ادعاء محض لا دليل عليه فهو مما لا يلتفت إليه قال صاحب التعليق الممجد قد صنف حسن الشرنبلالى من متأخري أصحابنا يعني الحنفية رسالة سماها بالنظم المستطاب بحكم القراءة في صلاة الجنازة بأم الكتاب ورد فيها على من ذكر الكراهة بدلائل شافية وهذا هو الأولى لثبوت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه انتهى كلام صاحب التعليق الممجد فائدة قال الشوكاني في النيل ذهب الجمهور إلى أنه لا يستحب الجهر بالقراءة في صلاة الجنازة وتمسكوا بقول ابن عباس لم أقرأ أي جهرا إلا لتعلموا أنه سنة وبقوله في حديث أبي أمامة سرا في نفسه انتهى كلام الشوكاني قلت وقع في حديث أبي أمامة عند النسائي السنة في الصلاة على الجنازة أن يقرأ بأم القرآن مخافتة وقد تقدم هذا الحديث آنفا وأما لفظ سرا في نفسه فقد وقع عند الشافعي فأخرج في مسنده أخبرنا مطرف بن مازن عن معمر عن الزهري أخبرني أبو أمامة بن سهل أنه أخبره رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سرا في نفسه الحديث وأما قول ابن عباس الذي ذكره الشوكاني فأخرجه الحاكم من طريق شرحبيل ابن سعد عن ابن عباس أنه صلى على جنازة بالأبواء فكبر ثم قرأ الفاتحة رافعا صوته ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال اللهم عبدك وابن
(٩٥)