قوله (ففهمت من صلاته) وفي رواية لمسلم فحفظت من دعائه وفي رواية أخرى له سمعت النبي صلى الله عليه وسلم على جنازة يقول (واغسله بالبرد) بفتحتين وهو حب الغمام قاله العيني روى الترمذي هذا الحديث هكذا مختصرا ورواه مسلم مطولا ولفظه صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فحفظت من دعائه وهو يقول اللهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه وأكرم نزله ووسع مدخله واغسله بالماء والثلج والبرد ونقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وأبدله دارا خيرا من داره وأهلا خيرا من أهله وزوجا خيرا من زوجه وأدخله الجنة وأعذه من عذاب القبر ومن عذاب النار انتهى قال النووي فيه إشارة إلى الجهر بالدعاء في صلاة الجنازة وقد اتفق أصحابنا على أنه إن صلى عليها بالنهار أسر بالقراءة وإن صلى بالليل ففيه وجهان الصحيح الذي عليه الجمهور يسر والثاني يجهر وأما الدعاء فيسر به بلا خلاف وحينئذ يتأول هذا الحديث على أن قوله حفظت من دعائه أي علمنيه بعد الصلاة فحفظته انتهى قلت ويرد هذا التأويل قوله في رواية أخرى سمعت وقال القاري في المرقاة وهذا يعني قوله حفظت لا ينافي ما تقرر في الفقه من ندب الإسرار لأن الجهر هنا للتعليم لا غير انتهى وقال الشوكاني في النيل قوله سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وكذا قوله فحفظت من دعائه يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر بالدعاء وهو خلاف ما صرح به جماعة من استحباب الإسرار بالدعاء وقد قيل إن جهره صلى الله عليه وسلم بالدعاء لقصد تعليمهم وأخرج أحمد عن جابر قال ما أباح لنا في دعاء الجنازة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر وفسر أباح بمعنى قدر قال الحافظ والذي وقفت عليه باح بمعنى جهر والظاهر أن الجهر والإسرار بالدعاء جائزان انتهى كلام الشوكاني قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه مسلم (وقال محمد بن إسماعيل أصح شئ في هذا الباب هذا الحديث) أي حديث عوف بن مالك وقد ورد في هذا الباب أحاديث منها ذكره الترمذي ومنها حديث وائلة بن الأصقع أخرجه أبو داود ومنها حديث عبد الله بن أبي أوفى أخرجه أحمد وابن ماجة قال الحافظ ابن حجر واختلاف الأحاديث في ذلك محمول على أنه يدعو لميته بدعاء ولآخر بآخر انتهى قال الشوكاني إذا كان المصلي عليه طفلا
(٩٢)