قوله (وقال ابن المبارك معنى هذا الحديث أو أن نقبر فيهن موتانا يعني الصلاة) أي ليس المراد بقوله أو نقبر الدفن كما هو الظاهر بل المراد صلاة الجنازة قلت قد حمل الترمذي قوله نقبر فيهن موتانا على صلاة الجنازة ولذلك بوب عليه باب ما جاء في كراهية الصلاة على الجنازة عند طلوع الشمس وعند غروبها ونقل في تأييده قول ابن المبارك وحمله أبو داود على الدفن الحقيقي فإنه ذكره في الجنائز وبوب عليه باب الدفن عند طلوع الشمس وعند غروبها قال الزيلعي في نصب الراية قد جاء بتصريح الصلاة فيه رواه الإمام أبو حفص عمر بن شاهين في كتاب الجنائز من حديث خارجة بن مصعب عن ليث بن سعد عن موسى بن علي به قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي على موتانا عند ثلاث عند طلوع الشمس إلى آخره انتهى ما في نصب الراية قلت لو صحت هذه الرواية لكانت قاطعة للنزاع ولوجب حمل قوله أو نقبر فيهن موتانا على الصلاة لكن هذه الرواية ضعيف فإن خارجة بن مصعب ضعيف قال الحافظ في التقريب في ترجمته متروك وكان يدلس عن الكذابين ويقال إن ابن معين كذبه تنبيه قال النووي في شرح مسلم قال بعضهم إن المراد بالقبر صلاة الجنازة وهذا ضعيف لأن صلاة الجنازة لا تكره في هذا الوقت بالإجماع فلا يجوز تفسير الحديث بما يخالف الإجماع بل الصواب أن معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر وهي صلاة المنافقين فأما إذا وقع في هذه الأوقات بلا تعمد فلا يكره انتهى كلام النووي قلت قوله صلاة الجنازة لا تكره في هذا الوقت بالإجماع فيه نظر ظاهر كما ستقف على ذلك في بيان المذاهب قوله (وهو قول أحمد وإسحاق) وهو قول مالك والأوزاعي والحنفية وهو قول ابن عمر رضي الله تعالى عنهما روى أبي شيبة من طريق ميمون بن مهران قال كان ابن عمر يكره الصلاة على الجنازة إذا طلعت الشمس وحين تغرب قال الحافظ في فتح الباري وإلى قول ابن عمر ذهب مالك والأوزاعي والكوفيون وأحمد وإسحاق انتهى قال القاري في المرقاة والمذهب عندنا أن هذه الأوقات الثلاثة يحرم فيها الفرائض والنوافل وصلاة الجنازة وسجدة التلاوة إلا إذا حضرت الجنازة أو تليت آية السجدة حينئذ فإنهما لا يكرهان لكن الأولى تأخيرهما إلى خروج
(١٠٠)