إذا كان البائع عالما وإن كان جاهلا ففيه خلاف لأصحاب مالك فإنهم لا يجوزونه خلافا للجمهور فإن قيل كيف يكره شيئا لنفسه ويرتضيه لأخيه المسلم فالجواب لعل الزانية تستعف عند المشتري بأن يعفها بنفسه أو يصونها لهيبته أو بالإحسان إليها والتوسعة عليها أو يزوجها أو غير ذلك انتهى ملخصا قوله (وفي الباب عن زيد بن خالد وشبل عن عبد الله بن مالك الأوسي) تقدم في باب الرجم على الثيب قوله (حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح) وأخرجه الشيخان قوله (والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم رأوا أن يقيم الرجل الحد على مملوكه دون السلطان وهو قول أحمد وإسحاق) واحتجوا بأحاديث الباب قال الشوكاني أحاديث الباب فيها دليل على أن السيد يقيم الحد على مملوكه وإلى ذلك ذهب جماعة من السلف والشافعي وذهبت العترة إلى أن حد المماليك إلى الإمام إن كان ثم إمام وإلا كان إلى سيده وذهب مالك إلى أن الأمة إن كانت مزوجة كان أمر بحدها إلى الإمام إلا أن يكون زوجها عبدا لسيدها فأمر حدها إلى السيد واستثنى مالك أيضا القطع في السرقة وهو وجه للشافعية وفي وجه لهم آخر يستثنى حد الشرب وروي عن الثوري والأوزاعي أنه لا يقيم السيد إلا حد الزنا وظاهر أحاديث الباب أنه يحد المملوك سيده من غير فرق بين أن يكون الإمام موجودا أو معدوما وبين أن يكون السيد صالحا قامة الحد أم لا وقال ابن حزم يقيمه السيد إلا إذا كان كافرا (وقال بعضهم يدفع إلى السلطان ولا يقيم الحد هو بنفسه) وهو قول الحنفية وقد احتج من قال إنه لا يقيم الحدود مطلقا إلا الإمام بما رواه الطحاوي عن مسلم بن يسار أنه قال كان رجل من الصحابة يقول الزكاة والحدود والفئ والجمعة إلى السلطان قال الطحاوي لا نعلم له مخالفا من الصحابة وتعقبه ابن حزم بأنه خالفه اثنا عشر صحابيا وظاهر أحاديث الباب أن الأمة والعبد يجلدان سواء كانا محصنين أم لا وقد أخرج البيهقي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال أدركت بقايا الأنصار وهم يضربون الوليدة من ولائدهم في مجالسهم إذا زنت ورواه الشافعي عن ابن مسعود وأبي بردة وأخرجه أيضا البيهقي عن خارجة بن زيد عن أبيه وأخرجه أيضا عن أبي الزناد عن أبيه عن الفقهاء الذين ينتهي إلى أقوالهم من أهل المدينة أنهم كانوا يقولون
(٥٩٦)