من المسور تعجبا آخر أبلغ من ذلك وهو أن يبذل نفسه دون السيف رعاية لخاطر ولد ابن فاطمة وما بذل نفسه دون ابن فاطمة نفسه أعنى الحسين والد على الذي وقعت له معه القصة حتى قتل بأيدي ظلمة الولاة لكن يحتمل أن يكون عذره أن الحسين لما خرج إلى العراق ما كان المسور وغيره من أهل الحجاز يظنون أن أمره يئول إلى ما آل إليه والله أعلم وقد تقدم في فرض الخمس وجه المناسبة بين قصة السيف وقصة الخطبة بما يغنى عن اعادته (قوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر) في رواية الزهري عن علي بن حسين عن المسور الماضية في فرض الخمس يخطب الناس على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم قال ابن سيد الناس هذا غلط والصواب ما وقع عند الإسماعيلي بلفظ كالمحتلم أخرجه من طريق يحيى بن معين عن يعقوب بن إبراهيم بسنده المذكور إلى علي بن الحسين قال والمسور لم يحتلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ولد بعد ابن الزبير فيكون عمره عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ثماني سنين (قلت) كذا جزم به وفيه نظر فان الصحيح ان ابن الزبير ولد في السنة الأولى فيكون عمره عند الوفاة النبوية تسع سنين فيجوز أن يكون احتلم في أول سنى الامكان أو يحمل قوله محتلم على المبالغة والمراد التشبيه فتلتئم الروايتان والا فابن ثمان سنين لا يقال له محتلم ولا كالمحتلم الا أن يريد بالتشبيه أنه كان كالمحتلم في الحذق والفهم والحفظ والله أعلم (قوله إن بنى هشام بن المغيرة) وقع في رواية مسلم هاشم بن المغيرة والصواب هشام لأنه جد المخطوبة (قوله استأذنوا) في رواية الكشميهني استأذنوني (في أن ينكحوا ابنتهم علي بن أبي طالب) هكذا في رواية ابن أبي مليكة أن سبب الخطبة استئذان بنى هشام بن المغيرة وفى رواية الزهري عن علي بن الحسين بسبب آخر ولفظه أن عليا خطب بنت أبي جهل على فاطمة فلما سمعت بذلك فاطمة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن قومك يتحدثون كذا في رواية شعيب وفى رواية عبد الله بن أبي زياد عنه في صحيح ابن حبان فبلغ ذلك فاطمة فقالت إن الناس يزعمون أنك لا تغضب لبناتك وهذا على ناكح بنت أبي جهل هكذا أطلقت عليه اسم فاعل مجازا لكونه أراد ذلك وصمم عليه فنزلته منزلة من فعله ووقع في رواية عبيد الله بن أبي زياد خطب ولا اشكال فيها قال المسور فقام النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث ووقع عند الحاكم من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أبي حنظلة أن عليا خطب بنت أبي جهل فقال له أهلها لا نزوجك على فاطمة (قلت) فكأن ذلك كان سبب استئذانهم وجاء أيضا أن عليا استأذن بنفسه فأخرج الحاكم باسناد صحيح إلى سويد بن غفلة وهو أحد المخضرمين ممن أسلم في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه قال خطب على بنت أبي جهل إلى عمها الحرث بن هشام فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم فقال أعن حسبها تسألني فقال لا ولكن أتأمرني بها قال لا فاطمة مضغة منى ولا أحسب الا أنها تحزن أو تجزع فقال على لا آتي شيئا تكرهه ولعل هذا الاستئذان وقع بعد خطبة النبي صلى الله عليه وسلم بما خطب ولم يحضر على الخطبة المذكورة فاستشار فلما قال له لا لم يتعرض بعد ذلك لطلبها ولهذا جاء آخر حديث شعيب عن الزهري فترك على الخطبة وهى بكسر الخاء المعجمة ووقع عند ابن أبي داود من طريق معمر عن الزهري عن عروة فسكت على عن ذلك النكاح (قوله فلا آذن ثم لا آذن ثم لا آذن) كرر ذلك تأكيدا وفيه إشارة إلى تأييد مدة منع الاذن وكأنه أراد رفع المجاز لاحتمال أن يحمل النفي على مدة بعينها
(٢٨٦)