فقال ثم لا آذن أي ولو مضت المدة المفروضة تقديرا لا آذن بعدها ثم كذلك أبدا وفيه إشارة إلى ما في حديث الزهري من أن بنى هشام بن المغيرة استأذنوا وبنو هشام هم أعمام بنت أبي جهل لأنه أبو الحكم عمرو بن هشام بن المغيرة وقد أسلم أخوه الحرث بن هشام وسلمة بن هشام عام الفتح وحسن اسلامهما ويؤيد ذلك جوابهما المتقدم لعلى وممن يدخل في اطلاق بنى هشام بن المغيرة عكرمة بن أبي جهل بن هشام وقد أسلم أيضا وحسن اسلامه واسم المخطوبة تقدم بيانه في باب ذكر أصهار النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب المناقب وأنه تزوجها عتاب بن أسيد بن أبي العيص لما تركها على وتقدم هناك زيادة في رواية الزهري في ذكر أبى العاص بن الربيع والكلام على قوله صلى الله عليه وسلم حدثني فصدقني ووعدني ووفى لي وتوجيه ما وقع من على في هذه القصة أغنى عن اعادته (قوله الا أن يريد ابن أبي طالب ان يطلق ابنتي وينكح ابنتهم) هذا محمول على أن بعض من يبغض عليا وشى به أنه مصمم على ذلك والا فلا يظن به أنه يستمر على الخطبة بعد أن استشار النبي صلى الله عليه وسلم فمنعه وسياق سويد بن غفلة يدل على أن ذلك وقع قبل أن تعلم به فاطمة فكأنه لما قيل لها ذلك وشكت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أعلمه على أنه ترك أنكر عليه ذلك وزاد في رواية الزهري وانى لست أحرم حلالا ولا أحلل حراما ولكن والله لا تجمع بنت رسول الله وبنت عدو الله عند رجل أبدا وفى رواية مسلم مكانا واحدا أبدا وفى رواية شعيب عند رجل واحد أبدا قال ابن التين أصح ما تحمل عليه هذه القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم حرم على على أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبى جهل لأنه علل بأن ذلك يؤذيه وأذيته حرام بالاتفاق ومعنى قوله لا أحرم حلالا أي هي له حلال لو لم تكن عنده فاطمة واما الجمع بينهما الذي يستلزم تأذى النبي صلى الله عليه وسلم لتأذى فاطمة به فلا وزعم غيره أن السياق يشعر بان ذلك مباح لعلى لكنه منعه النبي صلى الله عليه وسلم رعاية لخاطر فاطمة وقبل هو ذلك امتثالا لأمر النبي صلى الله عليه وسلم والذي يظهر لي أنه لا يبعد أن يعد في خصائص النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يتزوج على بناته ويحتمل أن يكون ذلك خاصا بفاطمة عليها السلام (قوله فإنما هي بضعة منى) بفتح الموحدة وسكون الضاد المعجمة أي قطعة ووقع في حديث سويد بن غفلة كما تقدم مضغة بضم الميم وبغين معجمة والسبب فيه ما تقدم في المناقب أنها كانت أصيبت بأمها ثم بأخواتها واحدة بعد واحدة فلم يبق لها من تستأنس به ممن يخفف عليها الامر ممن تفضى إليه بسرها إذا حصلت لها الغيرة (قوله يربيني ما أرا بها) كذا هنا من اراب رباعيا وفى رواية مسلم ما رابها من راب ثلاثيا وزاد في رواية الزهري وأنا أتخوف أن تفتن في دينها يعنى أنها لا تصبر على الغيرة فيقع منها في حق زوجها في حال الغضب ما لا يليق بحالها في الدين وفى رواية شعيب وأنا أكره ان يسوأها أي تزويج غيرها عليها وفى رواته مسلم من هذا الوجه أن يفتنوها وهى بمعنى أن تفتن (قوله ويؤذيني ما آذاها) في رواية أبى حنظلة فمن آذاها فقد آذاني وفى حديث عبد الله بن الزبير يؤذيني ما آذاها وينصبني ما أنصبها وهو بنون ومهملة وموحدة من النصب بفتحتين وهو التعب وفى رواية عبيد الله بن أبي رافع عن المسور يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها أخرجها الحاكم ويؤخذ من هذا الحديث أن فاطمة لو رضيت بذلك لم يمنع على من التزويج بها أو بغيرها وفى الحديث تحريم أذى من يتأذى النبي صلى الله عليه وسلم
(٢٨٧)