أبيه أشد مما اختلف في سماع أبى عبد الرحمن من عثمان فبعد هذا الاحتمال وجاء من وجه آخر كذلك أخرجه ابن أبي داود من طريق سعيد بن سلام عن محمد بن أبان سمعت علقمة يحدث عن أبي عبد الرحمن عن أبان بن عثمان عن عثمان فذكره وقال تفرد به سعيد بن سلام يعنى عن محمد ابن أبان (قلت) وسعيد ضعيف وقد قال أحمد حدثنا حجاج بن محمد عن شعبة قال لم يسمع أبو عبد الرحمن السلمي من عثمان وكذا نقله أبو عوانة في صحيحه عن شعبة ثم قال اختلف أهل التمييز في سماع أبى عبد الرحمن من عثمان ونقل ابن أبي داود عن يحيى بن معين مثل ما قال شعبة وذكر الحافظ أبو العلاء أن مسلما سكت عن اخراج هذا الحديث في صحيحه (قلت) قد وقع في بعض الطرق التصريح بتحديث عثمان لأبي عبد الرحمن وذلك فيما أخرجه ابن عدي في ترجمة عبد الله بن محمد بن أبي مريم من طريق ابن جريج عن عبد الكريم عن أبي عبد الرحمن حدثني عثمان وفى اسناده مقال لكن ظهر لي أن البخاري اعتمد في وصله وفى ترجيح لقاء أبى عبد الرحمن لعثمان على ما وقع في رواية شعبة عن سعد بن عبيدة من الزيادة وهى أن أبا عبد الرحمن أقرأ من زمن عثمان إلى زمن الحجاج وان الذي حمله على ذلك هو الحديث المذكور فدل على أنه سمعه في ذلك الزمان وإذا سمعه في ذلك الزمان ولم يوصف بالتدليس اقتضى ذلك سماعه ممن عنعنه عنه وهو عثمان رضي الله عنه ولا سيما مع ما اشتهر بين القراء أنه قرأ القرآن على عثمان واسندوا ذلك عنه من رواية عاصم بن أبي النجود وغيرهم فكان هذا أولى من قول من قال إنه لم يسمع منه (قوله خيركم من تعلم القرآن وعلمه) كذا للأكثر وللسرخسي أو علمه وهى للتنويع لا للشك وكذا لأحمد عن غندر عن شعبة وزاد في أوله ان وأكثر الرواة عن شعبة يقولونه بالواو وكذا وقع عند أحمد عن بهز وعند أبى داود عن حفص بن عمر كلاهما عن شعبة وكذا أخرجه الترمذي من حديث على وهى أظهر من حيث المعنى لان التي بأو تقتضى اثبات الخيرية المذكورة لمن فعل أحد الامرين فيلزم أن من تعلم القرآن ولو لم يعلمه غيره أن يكون خيرا ممن عمل بما فيه مثلا وان لم يتعلمه ولا يقال يلزم على رواية الواو أيضا أن من تعلمه وعلمه غيره ان يكون أفضل ممن عمل بما فيه من غير أن يتعلمه ولم يعلمه غيره لأنا نقول يحتمل أن يكون المراد بالخيرية من جهة حصول التعليم بعد العلم والذي يعلم غيره يحصل له النفع المتعدى بخلاف من يعمل فقط بل من أشرف العمل تعليم الغير فمعلم غيره يستلزم أن يكون تعلمه وتعليمه لغيره عمل وتحصيل نفع متعد ولا يقال لو كان المعنى حصول النفع المتعدى لاشترك كل من علم غيره علما ما في ذلك لأنا نقول القرآن أشرف العلوم فيكون من تعلمه وعلمه لغيره أشرف ممن تعلم غير القرآن وان علمه فيثبت المدعى ولا شك أن الجامع بين تعلم القرآن وتعليمه مكمل لنفسه ولغيره جامع بين النفع القاصر والنفع المتعدى ولهذا كان أفضل وهو من جملة من عنى سبحانه وتعالى بقوله ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين والدعاء إلى الله يقع بأمور شتى من جملتها تعليم القرآن وهو أشرف الجميع وعكسه الكافر المانع لغيره من الاسلام كما قال تعالى فمن أظلم ممن كذب بآيات الله وصدف عنها فان قيل فيلزم على هذا أن يكون المقرئ أفضل من الفقيه قلنا لا لان المخاطبين بذلك كانوا فقهاء النفوس لانهم كانوا أهل اللسان فكانوا يدرون معاني القرآن بالسليقة أكثر مما يدريها من بعدهم بالاكتساب فكان الفقه لهم سجية فمن كان في مثل شأنهم
(٦٧)