هريرة انه قرأ سورة فحزنها شبه الرثى وأخرجه أبو عوانة عن الليث بن سعد قال يتغنى به يتحزن به ويرقق به قلبه وذكر الطبري عن الشافعي انه سئل عن تأويل ابن عيينة التغني بالاستغناء فلم يرتضه وقال لو أراد الاستغناء لقال لم يستغن وانما أراد تحسين الصوت قال ابن بطال وبذلك فسره ابن أبي مليكة وعبد الله بن المبارك والنضر بن شميل ويؤيده رواية عبد الاعلى عن معمر عن ابن شهاب في حديث الباب بلفظ ما أذن لنبي في الترنم في القرآن أخرجه الطبري وعنده في رواية عبد الرزاق عن معمر ما أذن لنبي حسن الصوت وهذا اللفظ عند مسلم من رواية محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة وعند ابن أبي داود والطحاوي من رواية عمرو بن دينار عن أبي سلمة عن أبي هريرة حسن الترنم بالقرآن قال الطبري والترنم لا يكون الا بالصوت إذا حسنه القارئ وطرب به قال ولو كان معناه الاستغناء لما كان لذكر الصوت ولا لذكر الجهر معنى وأخرج ابن ماجة والكجي وصححه ابن حبان والحاكم من حديث فضالة بن عبيد مرفوعا الله أشد أذنا أي استماعا للرجل الحسن الصوت بالقرآن من صاحب القينة إلى قينته والقينة المغنية وروى ابن أبي شيبة من حديث عقبة بن عامر رفعه تعلموا القرآن وغنوا به وأفشوه كذا وقع عنده والمشهور عند غيره في الحديث وتغنوا به والمعروف في كلام العرب ان التغني الترجيع بالصوت كما قال حسان - تغن بالشعر اما أنت قائله * ان الغناء بهذا الشعر مضمار - قال ولا نعلم في كلام تغنى بمعنى استغنى ولا في أشعارهم وبيت الأعشى لا حجة فيه لأنه أراد طول الإقامة ومنه قوله تعالى كأن لم يغنوا فيها وقال وبيت المغيرة أيضا لا حجة فيه لان التغاني تفاعل بين اثنين وليس هو بمعنى تغنى قال وانما يأتي تغنى من الغنى الذي هو ضد الفقر بمعنى تفعل أي يظهر خلاف ما عنده وهذا فاسد المعنى (قلت) ويمكن أن يكون بمعنى تكلفه أي تطلبه وحمل نفسه عليه ولو شق عليه كما تقدم قريبا ويؤيده حديث فإن لم تبكوا فتباكوا وهو في حديث سعد بن أبي وقاص عند أبي عوانة وأما انكاره أن يكون تغنى بمعنى استغنى في كلام العرب فمردود ومن حفظ حجة على من لم يحفظ وقد تقدم في الجهاد في حديث الخيل ورجل ربطها تعففا وتغنيا وهذا من الاستغناء بلا ريب والمراد به يطلب الغنى بها عن الناس بقرينة قوله تعففا وممن أنكر تفسير يتغنى بيستغنى أيضا الإسماعيلي فقال الاستغناء به لا يحتاج إلى استماع لان الاستماع أمر خاص زائد على الاكتفاء به وأيضا فالاكتفاء به عن غيره أمر واجب على الجميع ومن لم يفعل ذلك خرج عن الطاعة ثم ساق من وجه آخر عن ابن عيينة قال يقولون إذا رفع صوته فقد تغنى (قلت) الذي نقل عنه انه بمعنى يستغنى أتقن لحديثه وقد نقل أبو داود عنه مثله ويمكن الجمع بينهما بأن تفسير يستغنى من جهته ويرفع عن غيره وقال عمر بن شبة ذكرت لأبي عاصم النبيل تفسير ابن عيينة فقال لم يصنع شيئا حدثني ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير قال فقال لم يصنع شيئا حدثني ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير قال كان داود عليه السلام يتغنى يعنى حين يقرأ ويبكى ويبكى وعن ابن عباس ان داود كان يقرأ الزبور بسبعين لحنا ويقرأ قراءة يطرب منها المحموم وكان إذا أراد أن يبكى نفسه لم تبق دابة في بر ولا بحر لا أنصتت له واستمعت وبكت وسيأتى حديث ان أبا موسى أعطى مزمارا من مزامير داود في باب حسن الصوت بالقراءة وفى الجملة ما فسر به ابن عيينة ليس بمدفوع وإن كانت ظواهر
(٦٣)