شاركهم في ذلك لا من كان قارئا أو مقرئا محضا لا يفهم شيئا من معاني ما يقرؤه أو يقرئه فان قيل فيلزم أن يكون المقرئ أفضل ممن هو أعظم غناء في الاسلام بالمجاهدة والرباط والامر بالمعروف والنهى عن المنكر مثلا قلنا حرف المسئلة يدور على النفع المعتدى فمن كان حصوله عنده أكثر كان أفضل فلعل من مضمرة في الخبر ولا بد مع ذلك من مراعاة الاخلاص في كل صنف منهم ويحتمل أن تكون الخيرية وان أطلقت لكنها مقيدة بناس مخصوصين خوطبوا بذلك كان اللائق بحالهم ذلك أو المراد خير المتعلمين من يعلم غيره لا من يقتصر على نفسه أو المراد مراعاة الحيثية لان القرآن خير الكلام فمتعلمه خير من متعلم غيره بالنسبة إلى خيرية القرآن وكيفما كان فهو مخصوص بمن علم وتعلم بحيث يكون قد علم ما يجب عليه عينا (قوله قال وأقرأ أبو عبد الرحمن في امرة عثمان حتى كان الحجاج أي حتى ولى الحجاج على العراق (قلت) بين أول خلافة عثمان وآخر ولاية الحجاج اثنتان وسبعون سنة الا ثلاثة أشهر وبين آخر خلافة عثمان وأول ولاية الحجاج العراق ثمان وثلاثون سنة ولم أقف على تعيين ابتداء اقراء أبى عبد الرحمن وآخره فالله أعلم بمقدار ذلك ويعرف من الذي ذكرته أقصى المدة وأدناها والقائل واقرأ الخ هو سعد بن عبيدة فإنني لم أر هذه الزيادة الا من رواية شعبة عن علقمة وقائل وذاك الذي أقعدني مقعدي هذا هو أبو عبد الرحمن وحكى الكرماني أنه وقع في بعض نسخ البخاري قال سعد بن عبيدة وأقرأني أبو عبد الرحمن قال وهى أنسب لقوله وذاك الذي أقعدني الخ أي أن اقراءه إياي هو الذي حملني على أن قعدت هذا المقعد الجليل اه والذي في معظم النسخ وأقرأ بحذف المفعول وهو الصواب وكأن الكرماني ظن أن قائل وذاك الذي أقعدني هو سعد بن عبيدة وليس كذلك بل قائله أبو عبد الرحمن ولو كان كما ظن للزم أن تكون المدة الطويلة سيقت لبيان زمان اقراء أبى عبد الرحمن لسعد بن عبيدة وليس كذلك بل انما سيقت لبيان طول مدته لاقراء الناس القرآن وأيضا فكان يلزم أن يكون سعد بن عبيدة قرأ على أبى عبد الرحمن من زمن عثمان وسعد لم يدرك زمان عثمان فان أكبر شيخ له المغيرة بن شعبة وقد عاش بعد عثمان خمس عشرة سنة وكان يلزم أيضا أن تكون الإشارة بقوله وذلك إلى صنيع أبى عبد الرحمن وليس كذلك بل الإشارة بقوله ذلك إلى الحديث المرفوع أي أن الحديث الذي حدث به عثمان في أفضلية من تعلم القرآن وعلمه حمل أبا عبد الرحمن أن قعد يعلم الناس القرآن لتحصيل تلك الفضيلة وقد وقع الذي حملنا كلامه عليه صريحا في رواية أحمد عن محمد بن جعفر وحجاج بن محمد جميعا عن شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعد بن عبيدة قال قال أبو عبد الرحمن فذاك الذي أقعدني هذا المقعد وكذا أخرجه الترمذي من رواية أبى داود الطيالسي عن شعبة وقال فيه مقعدي هذا قال وعلم أبو عبد الرحمن القرآن في زمن عثمان حتى بلغ الحجاج وعند أبى عوانة من طريق بشر بن أبي عمرو وأبى غياث وأبى الوليد ثلاثتهم عن شعبة بلفظ قال أبو عبد الرحمن فذاك الذي أقعدني مقعدي هذا وكان يعلم القرآن والإشارة بذلك إلى الحديث كما قررته واسناده إليه اسناد مجازى ويحتمل أن تكون الإشارة به إلى عثمان وقد وقع في رواية أبى عوانة أيضا عن يوسف بن مسلم عن حجاج بن محمد بلفظ قال أبو عبد الرحمن وهو الذي اجلسنى هذا المجلس وهو محتمل أيضا (قوله حدثنا سفيان) هو الثوري وعلقمة بن مرثد بمثلثة بوزن جعفر ومنهم من ضبطه بكسر المثلثة وهو من ثقات أهل الكوفة من طبقة
(٦٨)