سين علامة التخفيف وقال عياض كان الكناني يعنى أبا الوليد الوقشي لا يجيز في هذا غير التخفيف (قلت) والتثقيل هو الذي وقع في جميع الروايات في البخاري وكذا في أكثر الروايات في غيره ويؤيده ما وقع في رواية أبى عبيد في الغريب بعد قوله كيت وكيت ليس هو نسى ولكنه نسى الأول بفتح النون وتخفيف السين والثاني بضم النون وتثقيل السين قال القرطبي التثقيل معناه أنه عوقب بوقوع النسيان عليه لتفريطه في معاهدته واستذكاره قال ومعنى التخفيف أن الرجل ترك غير ملتفت إليه وهو كقوله تعالى نسوا الله فنسيهم أي تركهم في العذاب أو تركهم من الرحمة واختلف في متعلق الذم من قوله بئس على أوجه * الأول قيل هو على نسبة الانسان إلى نفسه النسيان وهو لا صنع له فيه فإذا نسبه إلى نفسه أوهم انه انفرد بفعله فكان ينبغي أن يقول أنسيت أو نسيت بالتثقيل على البناء للمجهول فيهما أي ان الله هو الذي أنساني كما قال وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وقال أأنتم تزرعونه أم نحن الزارعون وبهذا الوجه جزم ابن بطال فقال أراد أن يجرى على ألسن العباد نسبة الافعال إلى خالقها لما في ذلك من الاقرار له بالعبودية والاستسلام لقدرته وذلك أولى من نسبة الافعال إلى مكتسبها مع أن نسبتها إلى مكتسبها جائز بدليل الكتاب والسنة ثم ذكر الحديث الآتي في باب نسيان القرآن قال وقد أضاف موسى عليه السلام النسيان مرة إلى نفسه ومرة إلى الشيطان فقال انى نسيت الحوت وما أنسانيه الا الشيطان ولكل إضافة منها معنى صحيح فالإضافة إلى الله بمعنى أنه خالق الافعال كلها والى النفس لان الانسان هو المكتسب لها والى الشيطان بمعنى الوسوسة اه ووقع له ذهول فيما نسبه لموسى وانما هو كلام فتاه وقال القرطبي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نسب النسيان إلى نفسه يعنى كما سيأتي في باب نسيان القرآن وكذا نسبه يوشع إلى نفسه حيث قال نسيت الحوت وموسى إلى نفسه حيث قال لا تؤاخذني بما نسيت وقد سيق قول الصحابة ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا مساق المدح قال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم سنقرئك فلا تنسى الا ما شاء الله فالذي يظهر أن ذلك ليس متعلق الذم وجنح إلى اختيار الوجه الثاني وهو كالأول لكن سبب الذم ما فيه من الاشعار بعدم الاعتناء بالقرآن إذ لا يقع النسيان الا بترك التعاهد وكثرة الغفلة فلو تعاهده بتلاوته والقيام به في الصلاة لدام حفظه وتذكره فإذا قال الانسان نسيت الآية الفلانية فكأنه شهد على نفسه بالتفريط فيكون متعلق الذم ترك الاستذكار والتعاهد لأنه الذي يورث النسيان * الوجه الثالث قال الإسماعيلي يحتمل أن يكون كره له أن يقول نسيت بمعنى تركت لا بمعنى السهو العارض كما قال تعالى نسوا الله فنسيهم وهذا اختيار أبى عبيد وطائفة * الوجه الرابع قال الإسماعيلي أيضا يحتمل أن يكون فاعل نسيت النبي صلى الله عليه وسلم كأنه قال لا يقل أحد عنى انى نسيت آية كذا فان الله هو الذي نساني ذلك لحكمة نسخه ورفع تلاوته وليس لي في ذلك صنع بل الله هو الذي ينسيني لما تنسخ تلاوته وهو كقوله تعالى سنقرئك فلا تنسى الا ما شاء الله فان المراد بالمنسى ما ينسخ تلاوته فينسى الله نبيه ما يريد نسخ تلاوته * الوجه الخامس قال الخطابي يحتمل أن يكون ذلك خاصا بزمن النبي صلى الله عليه وسلم وكان من ضروب النسخ نسيان الشئ الذي ينزل ثم ينسخ منه بعد نزوله الشئ فيذهب رسمه وترفع تلاوته ويسقط حفظه عن حملته فيقول القائل نسيت آية كذا فنهوا عن ذلك لئلا يتوهم على محكم
(٧١)