في أوله ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم قال على قراءة من تأمرونني أن أقرأ وقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفى رواية النسائي وأبو عوانة وابن أبي داود من طريق ابن شهاب عن الأعمش عن أبي وائل فان خطبنا عبد الله بن مسعود على المنبر فقال ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة غلوا مصاحفكم وكيف تأمرونني ان أقرأ على قراءة زيد بن ثابت وقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله وفى رواية خمير بن مالك المذكورة بيان السبب في قول ابن مسعود هذا ولفظه لما أمر بالمصاحف أن تغير ساء ذلك عبد الله بن مسعود فقال من استطاع وقال في آخره أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى رواية له فقال انى غال مصحفي فمن استطاع أن يغل مصحفه فليفعل وعند الحاكم من طريق أبى ميسرة قال رحت فإذا أنا بالأشعري وحذيفة وابن مسعود فقال ابن مسعود والله لا أدفعه يعنى مصحفه أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره (قوله والله لقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنى من أعلمهم بكتاب الله) وقع في رواية عبدة وأبى شهاب جميعا عن الأعمش أنى أعلمهم بكتاب الله بحذف من وزاد ولو أعلم أن أحدا أعلم منى لرحلت إليه وهذا لا ينفى اثبات من فإنه نفى الأعلمية ولم ينف المساواة وسيأتي مزيد لذلك في الحديث الرابع (قوله وما أنا بخيرهم) يستفاد منه أن الزيادة في صفة من صفات الفضل لا تقتضى الأفضلية المطلقة فالأعلمية بكتاب الله لا تستلزم الأعلمية المطلقة بل يحتمل أن يكون غيره أعلم منه بعلوم أخرى فلهذا قال وما أنا بخيرهم وسيأتى في هذا بحث في باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه إن شاء الله تعالى (قوله قال شقيق) أي بالاسناد المذكور (فجلست في الحلق) بفتح المهملة واللام (فما سمعت رادا يقول غير ذلك) يعنى لم يسمع من يخالف ابن مسعود يقول غير ذلك أو المراد من يرد قوله دلك ووقع في رواية مسلم قال شقيق فجلست في حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما سمعت أحدا يرد ذلك ولا يعيبه وفى رواية أبى شهاب فلما نزل عن المنبر جلست في الحلق فما أحد ينكر ما قال وهذا يخصص عموم قوله أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بمن كان منهم بالكوفة ولا يعارض ذلك ما أخرجه ابن أبي داود من طريق الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن مسعود فذكر نحو حديث الباب وفيه قال الزهري فبلغني أن ذلك كرهه من قول ابن مسعود رجال من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه محمول على أن الذين كرهوا ذلك من غير الصحابة الذين شاهدهم شقيق بالكوفة ويحتمل اختلاف الجهة فالذي نفى شقيق أن أحدا رده أو عابه وصف ابن مسعود بأنه أعلمهم بالقرآن والذي أثبته الزهري ما يتعلق بأمره بغل المصاحف وكأن مراد ابن مسعود بغل المصاحف كتمها واخفاؤها لئلا تخرج فتعدم وكأن ابن مسعود رأى خلاف ما رأى عثمان ومن وافقه في الاقتصار على قراءة واحدة والغاء ما عدا ذلك أو كان لا ينكر الاقتصار لما في عدمه من الاختلاف بل كان يريد أن تكون قراءته هي التي يعول عليها دون غيرها لما له من المزية في ذلك مما ليس لغيره كما يؤخذ ذلك من ظاهر كلامه فلما فاته ذلك ورأى أن الاقتصار على قراءة زيد ترجيح بغير مرجح عنده اختار استمرار القراءة على ما كانت عليه على أن ابن أبي داود ترجم باب رضى ابن مسعود بعد ذلك بما صنع عثمان لكن لم يورد ما يصرح بمطابقة ما ترجم به * الحديث الثالث (قوله كنا بحمص فقرأ ابن مسعود سورة يوسف هذا ظاهره أن علقمة حضر القصة وكذا أخرجه
(٤٤)