يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال وبيان ذلك أن الاحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال لأنه الذي انتهى إليه سودده فكان مرجع الطلب منه واليه ولا يتم ذلك على وجه التحقيق الا لمن حاز جمع خصال الكمال وذلك لا يصلح الا لله تعالى فلما اشتملت هذه السورة على معرفة الذات المقدسة كانت بالنسبة إلى تمام المعرفة بصفات الذات وصفات الفعل ثلثا اه وقال غيره تضمنت هذه السورة توجيه الاعتقاد وصدق المعرفة وما يجب اثباته لله من الأحدية المنافية لمطلق الشركة والصمدية المثبتة له جميع صفات الكمال الذي لا يلحقه نقص ونفى الولد والوالد المقرر لكمال المعنى ونفى الكفء المتضمن لنفى الشبيه والنظير وهذه مجامع التوحيد الاعتقادي ولذلك عادلت ثلث القرآن لان القرآن خبر وانشاء والانشاء أمر ونهى وإباحة والخبر خبر عن الخالق وخبر عن خلقه فأخلصت سورة الاخلاص الخبر عن الله وخلصت قارئها من الشرك الاعتقادي ومنهم من حمل المثلية على تحصيل الثواب فقال معنى كونها ثلث القرآن أن ثواب قراءتها يحصل للقارئ مثل ثواب من قرأ ثلث القرآن وقيل مثله بغير تضعيف وهى دعوى بغير دليل ويؤيد الاطلاق ما أخرجه مسلم من حديث أبي الدرداء فذكر نحو حديث أبي سعيد الأخير وقال فيه قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن ولمسلم أيضا من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احشدوا فسأقرأ عليكم ثلث القرآن فخرج فقرأ قل هو الله أحد ثم قال ألا انها تعدل ثلث القرآن ولابى عبيد من حديث أبي بن كعب من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن وإذا حمل ذلك على ظاهره فهل ذلك لثلث من القرآن معين أو لأي ثلث فرض منه فيه نظر ويلزم على الثاني أن من قرأها ثلاثا كان كمن قرأ ختمة كاملة وقيل المراد من عمل بما تضمنته من الاخلاص والتوحيد كان كمن قرأ ثلث القرآن وادعى بعضهم أن قوله تعدل ثلث القرآن يختص بصاحب الواقعة لأنه لما رددها في ليلته كان كمن قرأ ثلث القرآن بغير ترديد قال القابسي ولعل الرجل الذي جرى له ذلك لم يكن يحفظ غيرها فلذلك استقل علمه فقال له الشارع ذلك ترغيبا له في عمل الخير وان قل وقال ابن عبد البر من لم يتأول هذا الحديث أخلص ممن أجاب فيه بالرأي وفى الحديث اثبات فضل قل هو الله أحد وقد قال بعض العلماء انها تضاهى كلمة التوحيد لما اشتملت عليه من الجمل المثبتة والنافية مع زيادة تعليل ومعنى النفي فيها أنه الخالق الرزاق المعبود لأنه ليس فوقه من يمنعه كالوالد ولا من يساويه في ذلك كالكفء ولا من يعينه على ذلك كالولد وفيه القاء العالم المسائل على أصحابه واستعمال اللفظ في غير ما يتبادر للفهم لان المتبادر من اطلاق ثلث القرآن أن المراد ثلث حجمه المكتوب مثلا وقد ظهر أن ذلك غير مراد * (تنبيه) * أخرج الترمذي والحاكم وأبو الشيخ من حديث ابن عباس رفعه إذا زلزلت تعدل نصف القرآن والكافرون تعدل ربع القرآن وأخرج الترمذي أيضا وابن أبي شيبة وأبو الشيخ من طريق سلمة بن وردان عن أنس أن الكافرون والنصر تعدل كل منهما ربع القرآن وإذا زلزت تعدل ربع القرآن زادت ابن أبي شيبة وأبو الشيخ وآية الكرسي تعدل ربع القرآن وهو حديث ضعيف لضعف سلمة وان حسنه الترمذي فلعله تساهل فيه لكونه من فضائل الأعمال وكذا صحح الحاكم حديث ابن عباس وفى سنده يمان بن المغيرة وهو ضعيف عندهم * (قوله
(٥٥)