منه بعد تلاوته وما لم ينسخ الا أولئك وهو قريب من الثاني * رابعها أن المراد بجمعه تلقيه من في رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بواسطة بخلاف غيرهم فيحتمل أن يكون تلقى بعضه بالواسطة * خامسها أنهم تصدوا لالقائه وتعليمه فاشتهروا به وخفى حال غيرهم عمن عرف حالهم فحصر ذلك فيهم بحسب علمه وليس الامر في نفس الامر كذلك أو يكون السبب في خفائهم أنهم خافوا غائلة الرياء والعجب وأمن ذلك من أظهره * سادسها المراد المراد بالجمع الكتابة فلا ينفى أن يكون غيرهم جمعه حفظا عن ظهر قلب وأما هؤلاء فجمعوه كتابة وحفظوه عن ظهر قلب * سابعها المراد أن أحدا لم يفصح بأنه جمعه بمعنى أكمل حفظه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الا أولئك بخلاف غيرهم فلم يفصح بذلك لان أحدا منهم لم يكمله الا عند وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نزلت آخر آية منه فلعل هذه الآية الأخيرة وما أشبهها ما حضرها الا أولئك الأربعة ممن جمع جميع القرآن قبلها وإن كان قد حضرها من لم يجمع غيرها الجمع البين * ثامنها ان المراد بجمعه السمع والطاعة له والعمل بموجبه وقد أخرج أحمد في الزهد من طريق أبى الزاهد به ان رجلا أتى أبا الدرداء فقال إن ابني جمع القرآن فقال اللهم غفرا انما جمع القرآن من سمع له وأطاع وفى غالب هذه الاحتمالات تكلف ولا سيما الأخير وقد أومأت قبل هذا إلى احتمال آخر وهو أن المراد اثبات ذلك للخزرج دون الأوس فقط فلا ينفى ذلك عن غير القبيلتين من المهاجرين ومن جاء بعدهم ويحتمل أن يقال انما اقتصر عليهم أنس لتعلق غرضه بهم ولا يخفى بعده والذي يظهر من كثير من الأحاديث ان أبا بكر كان يحفظ القرآن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تقدم في المبعث انه بنى مسجدا بفناء داره فكان يقرأ فيه القرآن وهو محمول على ما كان نزل منه إذ ذاك وهذا مما لا يرتاب فيه مع شدة حرص أبى بكر على تلقى القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم وفراغ باله له وهما بمكة وكثرة ملازمة كل منهما للآخر حتى قالت عائشة كما تقدم في الهجرة انه صلى الله عليه وسلم كان يأتيهم بكرة وعشية وقد صحح مسلم حديث يؤم القوم اقرؤهم لكتاب الله وتقدمت الإشارة إليه وتقدم انه صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يؤم في مكانه لما مرض فيدل على أنه كان أقرأهم وتقدم عن علي أنه جمع القرآن على ترتيب النزول عقب موت النبي صلى الله عليه وسلم وأخرج النسائي باسناد صحيح عن عبد الله بن عمر قال جمعت القرآن فقرأت به كل ليلة فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال أقرأه في شهر الحديث وأصله في الصحيح وتقدم في الحديث الذي مضى ذكر ابن مسعود وسالم مولى أبى حذيفة وكل هؤلاء من المهاجرين وقد ذكر أبو عبيد القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قعد من المهاجرين الخلفاء الأربعة وطلحة وسعدا وابن مسعود وحذيفة وسالما وأبا هريرة وعبد الله بن السائب والعبادلة ومن النساء عائشة وحفصة وأم سلمة ولكن بعض هؤلاء انما أكمله بعد النبي صلى الله عليه وسلم فلا يرد على الحصر المذكور في حديث أنس وعد ابن أبي داود في كتاب الشريعة من المهاجرين أيضا تميم بن أوس الداري وعقبة بن عامر ومن الأنصار عبادة بن الصامت ومعاذا الذي يكنى أبا حليمة ومجمع بن حارثة وفضالة ابن عبيد ومسلمة بن مخلد وغيرهم وصرح بأن بعضهم انما جمعه بعد النبي صلى الله عليه وسلم وممن جمعه أيضا أبو موسى الأشعري ذكره أبو عمرو الداني وعد بعض المتأخرين من القراء عمرو بن العاص وسعد بن عباد وأم ورقة (قوله تابعه الفضل بن موسى عن حسين بن واقد عن ثمامة عن
(٤٧)