هذه المسئلة في كتاب الحدود إن شاء الله تعالى وأما الجواب عن الثالث فجيد أيضا لكن يحتمل أن يكون ابن مسعود كان لا يرى بمؤاخذة السكران بما يصدر منه من الكلام في حل سكره وقال القرطبي يحتمل أن يكون الرجل كذب ابن مسعود ولم يكذب بالقرآن وهو الذي يظهر من قوله ما هكذا أنزلت فان ظاهره انه أثبت انزالها ونفى الكيفية التي أوردها ابن مسعود وقال الرجل ذلك اما جهلا منه أو قلة حفظ أو عدم تثبت بعثه عليه السكر وسيأتى مزيد بحث في ذلك في كتاب الطلاق إن شاء الله تعالى * الحديث الرابع (قوله حدثنا مسلم) هو أبو الضحى الكوفي وقع كذلك في رواية أبى حمزة عن الأعمش عند الإسماعيلي وفى طبقة مسلم هذا رجلان من أهل الكوفة يقال لكل منهما مسلم أحدهما يقال له الأعور والآخر يقال له البطين فالأول هو مسلم بن كيسان والثاني مسلم بن عمران ولم أر لواحد منهما رواية عن مسروق فإذا أطلق مسلم عن مسروق عرف انه هو أبو الضحى ولو اشتركوا في أن الأعمش روى عن الثلاثة (قوله عبد الله) في رواية قطبة عن الأعمش عند مسلم عن عبد الله بن مسعود (قوله والله) في رواية جرير عن الأعمش عند ابن أبي داود قال عبد الله لما صنع بالمصاحف ما صنع والله إلى آخره (قوله فيمن أنزلت) في رواية الكشميهني فيما أنزلت ومثله في رواية قطبة وجرير (قوله ولو أعلم أحدا أعلم منى بكتاب الله تبلغه الإبل في رواية الكشميهني تبلغنيه وهى رواية جرير (قوله لركبت إليه) تقدم في الحديث الثاني بلفظ لرحلت إليه ولابى عبيد من طريق ابن سيرين نبئت أن ابن مسعود قال لو أعلم أحدا تبلغنيه الإبل أحدث عهدا بالعرضة الأخيرة منى لأتيته أو قال لتكلفت ان آتيه وكأنه احترز بقوله تبلغنيه الإبل عمن لا يصل إليه على الرواحل اما لكونه كان لا يركب البحر فقيد بالبر أو لأنه كان جازما بأنه لا أحد يفوقه في ذلك من البشر فاحترز عن سكان السماء وفى الحديث جواز ذكر الانسان نفسه بما فيه من الفضيلة بقدر الحاجة ويحمل ما ورد من ذم ذلك على من وقع ذلك منه فخرا أو اعجابا * الحديث الخامس حديث أنس ذكره من وجهين (قوله سألت أنس بن مالك من جمع القرآن على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال أربعة كلهم من الأنصار) في رواية الطبري من طريق سعيد بن أبي عروبة عن قتادة في أول الحديث افتخر الحيان الأوس والخزرج فقال الأوس منا أربعة من اهتز له العرش سعد بن معاذ ومن عدلت شهادته شهادة رجلين خزيمة بن ثابت ومن غسلته الملائكة حنظلة بن أبي عامر ومن حمته الدبر عاصم بن ثابت فقال الخزرج منا أربعة جمعوا القرآن لم يجمعه غيرهم فذكرهم (قوله وأبو زيد) تقدم في مناقب زيد بن ثابت من طريق شعبة عن قتادة قلت لأنس من أبو زيد قال أحد عمومتي وتقدم بيان الاختلاف في اسم أبى زيد هناك وجوزت هناك أن لا يكون لقول أنس أربعة مفهوم لكن رواية سعيد التي ذكرتها الآن من عند الطبري صريحة في الحصر وسعيد ثبت في قتادة ويحتمل مع ذلك ان مراد أنس لم يجمعه غيرهم أي من الأوس بقرينة المفاخرة المذكورة ولم يرد نفى ذلك عن المهاجرين ثم في رواية سعيد أن ذلك من قول الخزرج ولم يفصح باسم قائل ذلك لكن لما أورده أنس ولم يتعقبه كان كأنه قائل به ولا سيما وهو من الخزرج وقد أجاب القاضي أبو بكر الباقلاني وغيره عن حديث أنس هذا بأجوبة * أحدهما أنه لا مفهوم له فلا يلزم أن لا يكون غيرهم جمعه * ثانيها المراد لم يجمعه على جميع الوجوه والقراءات التي نزل بها الا أولئك * ثالثها لم يجمع ما نسخ
(٤٦)