يعد ذلك علينا شيئا في رواية مسلم فلم يعده طلاقا (قوله إسماعيل) هو ابن أبي خالد (قوله سالت عائشة عن الخيرة) بكسر المعجمة وفتح التحتانية بمعنى الخيار (قوله أفكان طلاقا) هو استفهام انكار ولأحمد عن وكيع عن إسماعيل فهل كان طلاقا وكذا للنسائي من رواية يحيى القطان عن إسماعيل (قوله قال مسروق لا أبالى أخيرتها واحدة أو مائة بعد أن تختارني) هو موصول بالاسناد المذكور وقد أخرجه مسلم من رواية علي بن مسهر عن إسماعيل فقدم كلام مسروق المذكور ولفظه عن مسروق قال ما أبالى فذكر مثله وزاد أو ألفا ولقد سألت عائشة فذكر حديثها وبقول عائشة المذكور يقول جمهور الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار وهو أن من خير زوجته فاختارته لا يقع عليه بذلك طلاق لكن اختلفوا فيما إذا اختارت نفسها هل يقع طلقة واحدة رجعية أو بائنا أو يقع ثلاثا وحكى الترمذي عن علي أن اختارت نفسها فواحدة بائنة وان اختارت زوجها فواحدة رجعية وعن زيد بن ثابت ان اختارت نفسها فثلاث وان اختارت زوجها فواحدة بائنة وعن عمر وابن مسعود ان اختارت نفسها فواحدة بائنة وعنهما رجعية وان اختارت زوجها فلا شئ ويؤيد قول الجمهور من حيث المعنى أن التخيير ترديد بين شيئين فلو كان اختيارها لزوجها طلاقا لاتحدا فدل على أن اختيارها لنفسها بمعنى الفراق واختيارها لزوجها بمعنى البقاء في العصمة وقد اخرج ابن أبي شيبة من طريق زاذان قال كنا جلوسا عند على فسئل عن الخيار فقال سألني عنه عمر فقلت ان اختارت نفسها فواحدة بائن وان اختارت زوجها فواحدة رجعية قال ليس كما قلت إن اختارت زوجها فلا شئ قال فلم أجد بدا من متابعته فلما وليت رجعت إلى ما كنت أعرف قال على وأرسل عمر إلى زيد بن ثابت فقال فذكر مثل ما حكاه عنه الترمذي وأخرج ابن أبي شيبة من طرق عن علي نظير ما حكاه عنه زاذان من اختياره وأخذ مالك يقول زيد بن ثابت واحتج بعض أتباعه لكونها إذا اختارت نفسها يقع ثلاثا بأن معنى الخيار بت أحد الامرين اما الاخذ واما الترك فلو قلنا إذا اختارت نفسها تكون طلقة رجعية لم يعمل بمقتضى اللفظ لأنها تكون بعد في أسر الزوج وتكون كمن خير بين شيئين فاختار غيرهما وأخذ أبو حنيفة بقول عمر وابن مسعود فما إذا اختارت نفسها فواحدة بائنة ولا يرد عليه الايراد السابق وقال الشافعي التخيير كناية فإذا خير الزوج امرأته وأراد بذلك تخييرها بين أن تطلق منه وبين أن تستمر في عصمته فاختارت نفسها وأرادت بذلك الطلاق طلقت فلو قالت لم أرد باختيار نفسي الطلاق صدقت ويؤخذ من هذا أنه لو وقع التصريح في التخيير بالتطليق أن الطلاق يقع جزما نبه على ذلك شيخنا حافظ الوقت أبو الفضل العراقي في شرح الترمذي ونبه صاحب الهداية من الحنفية على اشتراط ذكر النفس في التخيير فلو قال مثلا اختاري فقالت اخترت لم يكن تخييرا بين الطلاق وعدمه وهو ظاهر لكن محله الاطلاق فلو قصد ذلك بهذا اللفظ ساغ وقال صاحب الهداية أيضا ان قال اختاري ينوى به الطلاق فلها أن تطلق نفسها ويقع بائنا فلو لم ينوى فهو باطل وكذا لو قال اختاري فقالت اخترت فلو نوى فقالت اخترت نفسي وقعت طلقة رجعية وقال الخطابي يؤخذ من قول عائشة فاخترناه فلم يكن ذلك طلاقا أنها لو اختارت نفسها لكان ذلك طلاقا ووافقه القرطبي في المفهم فقال في الحديث ان المخيرة إذا اختارت نفسها أن نفس ذلك الاختيار يكون طلاقا من غير احتياج إلى نطق بلفظ يدل على
(٣٢٢)