خلاف الظاهر حتما * الثالث أن تغليطه من قال المراد ظهور النسخ عجيب أيضا لان المراد بظهوره انتشاره وكلام ابن عباس أنه كان يفعل في زمن أبى بكر محمول على أن الذي كان يفعله من لم يبلغه النسخ فلا يلزم ما ذكر من اجماعهم على الخطا وما أشار إليه من مسئلة انقراض العصر لا يجئ هنا لان عصر الصحابة لم ينقرض في زمن أبى بكر بل ولا عمر فان المراد بالعصر الطبقة من المجتهدين وهم في زمن أبى بكر وعمر بل وبعدهما طبقة واحدة * الجواب الرابع دعوى الاضطراب قال القرطبي في المفهم وقع فيه مع الاختلاف علي بن عباس الاضطراب في لفظه وظاهر سياقه يقتضى النقل عن جميعهم أن معظمهم كانوا يرون ذلك والعادة في مثل هذا أن يفشو الحكم وينتشر فكيف ينفرد به واحد عن واحد قال فهذا الوجه يقتضى التوقف عن العمل بظاهره ان لم يقتض القطع ببطلانه * الجواب الخامس دعوى أنه ورد في صورة خاصة فقال ابن سريج وغيره يشبه أن يكون ورد في تكرير اللفظ كأن يقول أنت طالق أنت طالق أنت طالق وكانوا أولا على سلامة صدورهم يقبل منهم أنهم أرادوا التأكيد فلما كثر الناس في زمن عمر وكثر فيهم الخداع ونحوه مما يمنع قبول من ادعى التأكيد حمل عمر اللفظ على ظاهر التكرار فأمضاء عليهم وهذا الجواب ارتضاه القرطبي وقواه بقول عمر ان الناس استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة وكذا قال النووي ان هذا أصح الأجوبة * الجواب السادس تأويل قوله واحدة وهو أن معنى قوله كان الثلاث واحدة ان الناس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يطلقون واحدة فلما كان زمن عمر كانوا يطلقون ثلاثا ومحصله ان المعنى أن الطلاق الموقع في عهد عمر ثلاثا كان يوقع قبل ذلك واحدة لانهم كانوا لا يستعملون الثلاث أصلا أو كانوا يستعملونها نادرا وأما في عصر عمر فكثر استعمالهم لها ومعنى قوله فأمضاه عليهم وأجازه وغير ذلك أنه صنع فيه من الحكم بايقاع الطلاق ما كان يصنع قبله ورجح هذا التأويل ابن العربي ونسبه إلى أبى زرعة الرازي وكذا أورده البيهقي باسناده الصحيح إلى أبى زرعة أنه قال معنى هذا الحديث عندي أن ما تطلقون أنتم ثلاثا كانوا يطلقون واحدة قال النووي وعلى هذا فيكون الخبر وقع عن اختلاف عادة الناس خاصة لا عن تغير الحكم في الواحدة فالله أعلم * الجواب السابع دعوى وقفة فقال بعضهم ليس في هذا السياق ان ذلك كان يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فيقره والحجة انما هي في تقريره وتعقب بأن قول الصحابي كنا نفعل كذا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في حكم الرفع على الراجح حملا على أنه اطلع على ذلك فأقره لتوفر دواعيهم على السؤال عن جليل الاحكام وحقيرها * الجواب الثامن حمل قوله ثلاثا على أن المراد بها لفظ البتة كما تقدم في حديث ركانة سواء وهو من رواية ابن عباس أيضا وهو قوى ويؤيده ادخال البخاري في هذا الباب الآثار التي فيها البتة والأحاديث التي فيها التصريح بالثلاث كأنه يشير إلى عدم الفرق بينهما وأن البتة إذا أطلقت حمل على الثلاث الا ان أراد المطلق واحدة فيقبل فكان بعض رواته حمل لفظ البتة على الثلاث لاشتهار التسوية بينهما فرواها بلفظ الثلاث وانما المراد لفظ البتة وكانوا في العصر الأول يقبلون ممن قال أردت بالبتة الواحدة فلما كان عهد عمر أمضى الثلاث في ظاهر الحكم قال القرطبي وحجة الجمهور في اللزوم من حيث النظر ظاهرة جدا وهو أن المطلقة ثلاثا لا تحل للمطلق حتى تنكح زوجا غيره ولا فرق بين مجموعها
(٣١٨)