ومفرقها لغة وشرعا وما يتخيل من الفرق صوري ألغاه الشرع اتفاقا في النكاح والعتق والأقارير فلو قال الولي أنكحتك هؤلاء الثلاث في كلمة واحدة انعقد كما لو قال أنكحتك هذه وهذه وهذه وكذا في العتق والاقرار وغير ذلك من الاحكام واحتج من قال إن الثلاث إذا وقعت مجموعة حملت على الواحدة بأن من قال أحلف بالله ثلاثا لا يعد حلفه الا يمينا واحدة فليكن المطلق مثله وتعقب باختلاف الصيغتين فان المطلق ينشئ طلاق امرأته وقد جعل أمد طلاقها ثلاثا فإذا قال أنت طالق ثلاثا فكأنه قال أنت طالق جميع الطلاق وأما الحالف فلا أمد لعدد أيمانه فافترقا وفى الجملة فالذي وقع في هذه المسئلة نظير ما وقع في مسئلة المتعة سواء أعنى قول جابر انها كانت تفعل في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وصدر من خلافة عمر قال ثم نهانا عمر عنها فانتهينا فالراجح في الموضعين تحريم المتعة وايقاع الثلاث للاجماع الذي انعقد في عهد عمر على ذلك ولا يحفظ أن أحدا في عهد عمر خالفه في واحدة منهما وقد دل اجماعهم على وجود ناسخ وإن كان خفى عن بعضهم قبل ذلك حتى ظهر لجميعهم في عهد عمر فالمخالف بعد هذا الاجماع منابذ له والجمهور على عدم اعتبار من أحدث الاختلاف بعد الاتفاق والله أعلم وقد أطلت في هذا الموضع لالتماس من التمس ذلك منى والله المستعان (قوله لقول الله تعالى الطلاق مرتان فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) قد استشكل وجه استدلال المصنف بهذه الآية على ما ترجم به من تجويز الطلاق الثلاث والذي يظهر لي أنه إن كان أراد بالترجمة مطلق وجود الثلاث مفرقة كانت أو مجموعة فالآية واردة على المانع لأنها دلت على مشروعية ذلك من غير نكير وإن كان أراد تجويز الثلاث مجموعة وهو الاظهر فأشار بالآية إلى أنها مما احتج به المخالف للمنع من الوقوع لان ظاهرها أن الطلاق المشروع لا يكون بالثلاث دفعة بل على الترتيب المذكور فأشار إلى أن الاستدلال بذلك على منع جميع الثلاث غير متجه إذ ليس في السياق المنع من غير الكيفية المذكورة بل انعقد الاجماع على أن ايقاع المرتين ليس شرطا ولا راجحا بل اتفقوا على أن ايقاع الواحدة أرجح من ايقاع الثنتين كما تقدم تقريره في الكلام على حديث ابن عمر فالحاصل أن مراده دفع دليل المخالف بالآية لا الاحتجاج بها لتجويز الثلاث هذا الذي ترجح عندي وقال الكرماني وجه استدلاله بالآية أنه تعالى قال الطلاق مرتان فدل على جواز جمع الثنتين وإذا جاز جمع الثنتين دفعة جاز جمع الثلاث دفعة كذا قال وهو قياس مع وضوح الفارق لان جمع الثنتين لا يستلزم البينونة الكبرى بل تبقى له الرجعة إن كانت رجعية وتجديد العقد بغير انتظار عدة إن كانت بائنا بخلاف جمع الثلاث ثم قال الكرماني أو التسريح باحسان عام يتناول ايقاع الثلاث دفعة (قلت) وهذا لا باس به لكن التسريح في سياق الآية انما هو فيما بعد ايقاع الثنتين فلا يتناول ايقاع الطلاقات الثلاث فان معنى قوله تعالى الطلاق مرتان فيما ذكر أهل العلم بالتفسير أي أكثر الطلاق الذي يكون بعده الامساك أو التسريح مرتان ثم حينئذ اما أن يختار استمرار العصمة فيمسك الزوجة أو المفارقة فيسرحها بالطلقة الثالثة وهذا التأويل نقله الطبري وغيره عن الجمهور ونقلوا عن السدى والضحاك أن المراد بالتسريح في الآية ترك الرجعة حتى تنقضى العدة فتحصل البينونة ويرجح الأول ما أخرجه الطبري وغيره من طريق إسماعيل بن سميع عن أبي رزين قال قال رجل يا رسول الله الطلاق مرتان فأين
(٣١٩)