أن الحرة لا يعزل عنها الا باذنها وأن الأمة يعزل عنها بغير اذنها واختلفوا في المزوجة فعند المالكية يحتاج إلى اذن سيدها وهو قول أبي حنيفة والراجح عن أحمد وقال أبو يوسف ومحمد الاذن لها وهى رواية عن أحمد وعنه باذنها وعنه يباح العزل مطلقا وعنه المنع مطلقا والذي احتج به من جنح إلى التفصيل لا يصح الا عند عبد الرزاق عنه بسند صحيح عن ابن عباس قال تستأمر الحرة في العزل ولا تستأمر الأمة السرية فإن كانت أمة تحت حر فعليه أن يستامرها وهذا نص في المسئلة فلو كان مرفوعا لم يجز العدول عنه وقد استنكر ابن العربي القول بمنع العزل عمن يقول بأن المرأة لا حق لها في الوطء ونقل عن مالك أن لها حق المطالبة به إذا قصد بتركه اضرارها وعن الشافعي وأبي حنيفة لا حق لها فيه الا في وطئه واحدة يستقر بها المهر قال فإذا كان الامر كذلك فكيف يكون لها حق في العزل فان خصوه بالوطئة الأولى فيمكن والا فلا يسوغ فيما بعد ذلك الا على مذهب مالك بالشرط المذكور اه وما نقله عن الشافعي غريب والمعروف عند أصحابه أنه لا حق لها أصلا نعم جزم ابن حزم بوجوب الوطء وبتحريم العزل واستند إلى حديث جذامة بنت وهب أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل فقال ذلك الوأد الخفى أخرجه مسلم وهذا معارض بحديثين أحدهما أخرجه الترمذي والنسائي وصححه من طريق معمر عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر قال كانت لنا جواري وكنا نعزل فقالت اليهود ان تلك الموؤدة الصغرى فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال كذبت اليهود لو أراد الله خلقه لم تستطع رده وأخرجه النسائي من طريق هشام وعلي بن المبارك وغيرهما عن يحيى عن محمد بن عبد الرحمن عن أبي مطيع بن رفاعة عن أبي سعيد نحوه ومن طريق أبى عامر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة نحوه ومن طريق سليمان الأحول أنه سمع عمرو بن دينار يسال أبا سلمة بن عبد الرحمن عن العزل فقال زعم أبو سعيد فذكر نحوه قال فسألت أبا سلمة أسمعته من أبي سعيد قال لا ولكن أخبرني رجل عنه والحديث الثاني في النسائي من وجه آخر عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة وهذه طرق يقوى بعضها ببعض وجمع بينها وبين حديث جذامة بحمل حديث جذامة على التنزيه وهذه طريقة البيهقي ومنهم من ضعف حديث جذامة بأنه معارض بما هو أكثر طرقا منه وكيف يصرح بتكذيب اليهود في ذلك ثم يثبته وهذا دفع للأحاديث الصحيحة بالتوهم والحديث صحيح لا ريب فيه والجمع ممكن ومنهم من ادعى أنه منسوخ ورد بعدم معرفة التاريخ وقال الطحاوي يحتمل أن يكون حديث جذامة على وفق ما كان عليه الامر أولا من موافقة أهل الكتاب وكان صلى الله عليه وسلم يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه ثم أعلمه الله بالحكم فكذب اليهود فيما كانوا يقولونه وتعقبه ابن رشد ثم ابن العربي بأنه لا يجزم بشئ تبعا لليهود ثم يصرح بتكذيبهم فيه ومنهم من رجح حديث جذامة بثبوته في الصحيح وضعف مقابله بأنه حديث واحد اختلف في اسناده فاضطرب ورد بأن الاختلاف انما يقدح حيث لا يقوى بعض الوجوه فمتى قوى بعضها عمل به وهو هنا كذلك والجمع ممكن ورجح ابن حزم العمل بحديث جذامة بان أحاديث غيرها موافق أصل الإباحة وحديثها يدل على المنع قال فمن ادعى أنه أبيح بعد أن منع فعليه البيان وتعقب بان حديثها ليس صريحا في المنع إذ لا يلزم من تسميته وأدا خفيا على طريق التشبيه أن يكون
(٢٧٠)