حراما وخصه بعضهم بالعزل عن الحامل لزوال المعنى الذي كان يحذره الذي يعزل من حصول الحمل لكن فيه تضييع الحمل لان المنى يغذوه فقد يؤدى العزل إلى موته أو إلى ضعفه المفضى إلى موته فيكون وأدا خفيا وجمعوا أيضا بين تكذيب اليهود في قولهم الموؤدة الصغرى وبين اثبات كونه وأدا خفيا في حديث جذامة بان قولهم الموؤدة الصغرى يقتضى أنه وأد ظاهر لكنه صغير بالنسبة إلى دفن المولود بعد وضعه حيا فلا يعارض قوله إن العزل وأد خفى فإنه يدل على أنه ليس في حكم الظاهر أصلا فلا يترتب عليه حكم وانما جعله وأدا من جهة اشتراكهما في قطع الولادة وقال بعضهم قوله الوأد الخفى ورد على طريق التشبيه لأنه قطع طريق الولادة قبل مجيئه فأشبه قتل الولد بعد مجيئه قال ابن القيم الذي كذبت فيه اليهود زعمهم أن العزل لا يتصور معه الحمل أصلا وجعلوه بمنزلة قطع النسل بالوأد فأكذبهم وأخبر أنه لا يمنع الحمل إذا شاء الله خلقه وإذا لم يرد خلقه لم يكن وأدا حقيقة وانما سماه وأدا خفيا في حديث جذامة لان الرجل انما يعزل هربا من الحمل فاجرى قصده لذلك مجرى الوأد لكن الفرق بينهما أن الوأد ظاهر بالمباشرة اجتمع فيه القصد والفعل والعزل يتعلق بالقصد صرفا فلذلك وصفه بكونه خفيا فهذه عدة أجوبة يقف معها الاستدلال بحديث جذامة على المنع وقد جنح إلى المنع من الشافعية ابن حبان فقال في صحيحه ذكر الخبر الدال على أن هذا الفعل مزجور عنه لا يباح استعماله ثم ساق حديث أبي ذر رفعه ضعه في حلاله وجنبه حرامه وأقرره فان شاء الله أحياه وان شاء أماته ولك أجر اه ولا دلالة فيما ساقه على ما ادعاه من التحريم بل هو أمر ارشاد لما دلت عليه بقية الاخبار والله أعلم ومن عند عبد الرزاق وجه آخر عن ابن عباس أنه أنكر أن يكون العزل وأدا وقال المنى يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظما ثم يكسى لحما قال والعزل قبل ذلك كله وأخرج الطحاوي من طريق عبد الله بن عدي بن الخيار عن علي نحوه في قصة حرب عند عمر وسنده جيد واختلفوا في علة النهى عن العزل فقيل لتفويت حق المرأة وقيل لمعاندة القدر وهذا الثاني هو الذي يقتضيه معظم الأخبار الواردة في ذلك والأول مبنى على صحة الخبر المفرق بين الحرة والأمة وقال امام الحرمين موضع المنع أنه ينزع بقصد الانزال خارج الفرج خشية العلوق ومتى فقد ذلك لم يمنع وكأنه راعى سبب المنع فإذا فقد بقى أصل الإباحة فله أن ينزع متى شاء حتى لو نزع فأنزل خارج الفرج اتفاقا لم يتعلق به النهى والله أعلم وينتزع من حكم العزل حكم معالجة المرأة اسقاط النطفة قبل نفخ الروح فمن قال بالمنع هناك ففي هذه أولى ومن قال بالجواز يمكن أن يلتحق به هذا ويمكن أن يفرق بأنه أشد لان العزل لم يقع فيه تعاطى السبب ومعالجة السقط تقع بعد تعاطى السبب ويلتحق بهذه المسئلة تعاطى المرأة ما يقطع الحبل من أصله وقد أفتى بعض متأخري الشافعية بالمنع وهو مشكل على قولهم بإباحة العزل مطلقا والله أعلم واستدل بقوله في حديث أبي سعيد وأصبنا كرائم العرب وطالت علينا العزبة وأردنا أن نستمتع وأحببنا الفداء لمن أجاز استرقاق العرب وقد تقدم بيانه في باب من ملك من العرب رقيقا في كتاب العتق ولمن أجاز وطء المشركات بملك اليمن وان لم يكن من أهل الكتاب لان بنى المصطلق كانوا أهل أوثان وقد انفصل عنه من منع باحتمال أن يكونوا ممن دان بدين أهل الكتاب وهو باطل وباحتمال أن يكون ذلك في أول الأمر ثم نسخ وفيه نظر إذ النسخ لا يثبت بالاحتمال وباحتمال أن تكون
(٢٧١)