فقال أنتم عندي تختلفون فمن نأى عنى من الأمصار أشد اختلافا فكأنه والله أعلم لما جاءه حذيفة وأعلمه باختلاف أهل الأمصار تحقق عنده ما ظنه من ذلك وفى رواية مصعب بن سعد فقال عثمان تمترون في القرآن تقولون قراءة أبى قراءة عبد الله ويقول الآخر والله ما تقيم قراءتك ومن طريق محمد بن سيرين قال كان الرجل يقرأ حتى يقول الرجل لصاحبه كفرت بما تقول فرفع ذلك إلى عثمان فتعاظم في نفسه وعند ابن أبي داود أيضا من رواية بكير بن الأشج ان ناسا بالعراق يسال أحدهم عن الآية فإذا قرأها قال ألا انى أكفر بهذه ففشا ذلك في الناس فكلم عثمان في ذلك (قوله فأرسل عثمان إلى حفصة ان أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف) في رواية يونس بن يزيد فاستخرج الصحيفة التي كان أبو بكر أمر زيدا بجمعها فنسخ منها مصاحف فبعث بها إلى الآفاق والفرق بين الصحف والمصحف ان الصحف الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبى بكر وكانت سورا مفرقة كل سورة مرتبة بآياتها على حدة لكن لم يرتب بعضها اثر بعض فلما نسخت ورتب بعضها اثر بعض صارت مصحفا وقد جاء عن عثمان انه انما فعل ذلك بعد ان استشار الصحابة فاخرج ابن أبي داود باسناد صحيح من طريق سويد بن غفلة قال قال على لا تقولوا في عثمان الا خيرا فوالله ما فعل الذي في المصاحف الا عن ملا منا قال ما تقولون في هذه القراءة فقد بلغني ان بعضهم يقول إن قراءتي خير من قراءتك وهذا يكاد أن يكون كفرا قلنا فما ترى قال أرى ان نجمع الناس على مصحف واحد فلا تكون فرقة ولا اختلاف قلنا فنعم ما رأيت (قوله فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام فنسخوها في المصاحف) وعند ابن أبي داود من طريق محمد بن سيرين قال جمع عثمان اثنى عشر رجلا من قريش والأنصار منهم أبي بن كعب وأرسل إلى الرقعة التي في بيت عمر قال فحدثني كثير بن أفلح وكان ممن يكتب قال فكانوا إذا اختلفوا في الشئ أخروه قال ابن سيرين أظنه ليكتبوه على العرضة الأخيرة وفى رواية مصعب بن سعد فقال عثمان من أكتب الناس قالوا كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن ثابت قال فأي الناس أعرب وفى رواية أفصح قالوا سعيد بن العاص قال عثمان فليمل سعيد وليكتب زيد ومن طريق سعيد بن عبد العزيز ان عربية القرآن أقيمت على لسان سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص ابن أمية لأنه كان أشبههم لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وقتل أبوه العاصي يوم بدر مشركا ومات جده سعيد بن العاص قبل بدر مشركا (قلت) وقد أدرك سعيد بن العاص هذا من حياة النبي صلى الله عليه وسلم تسع سنين قاله ابن سعد وعدوه لذلك في الصحابة وحديثه عن عثمان وعائشة في صحيح مسلم واستعمله عثمان على الكوفة ومعاوية على المدينة وكان من أجواد قريش وحلمائها وكان معاوية يقول لكل قوم كريم وكريمنا سعيد وكانت وفاته بالمدينة سنة سبع أو ثمان أو تسع وخمسين ووقع في رواية عمارة بن غزية أبان بن سعيد بن العاص بدل سعيد قال الخطيب ووهم عمارة في ذلك لان أبان قتل بالشام في خلافة عمر ولا مدخل له في هذه القصة والذي أقامه عثمان في ذلك هو سعيد بن العاص ابن أخي أبان المذكور اه ووقع من تسمية بقية من كتب أو أملا عند ابن أبي داود مفرقا جماعة منهم مالك بن أبي عامر جد مالك بن أنس من روايته ومن رواية أبى قلابة عنه ومنهم كثير بن أفلح كما تقدم ومنهم أبي بن كعب كما ذكرنا
(١٦)