ووصفوا منه ما يشفى، فما دونهم من مقصر، وما فوقهم من محسر، وقد قصر قوم دونهم فجفوا، وطمح عنهم أقوام فغلوا، وإنهم بين ذلك لعلى هدى مستقيم، كتبت تسأل عن الاقرار بالقدر فعلى الخبير بإذن الله وقعت، ما أعلم ما أحدث الناس من محدثة، ولا ابتدعوا من بدعة هي أبين أثرا ولا أثبت أمرا من الاقرار بالقدر، لقد كان ذكره في الجاهلية الجهلاء يتكلمون به في كلامهم وفى شعرهم، يعزون به أنفسهم على ما فاتهم، ثم لم يزده الاسلام بعد إلا شدة، ولقد ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير حديث ولا حديثين، وقد سمعه منه المسلمون فتكلموا به في حياته وبعد وفاته، يقينا وتسليما لربهم، وتضعيفا لأنفسهم، أن يكون شئ لم يحط به علمه، ولم يحصه كتابه، ولم يمض فيه قدره، وإنه مع ذلك لفي محكم كتابه: منه اقتبسوه، ومنه تعلموه، ولئن قلتم (لم أنزل الله آية كذا ولم قال كذا) لقد قرأوا منه ما قرأتم، وعلموا من تأويله ما جهلتم، وقالوا بعد ذلك: كله بكتاب وقدر، وكتبت الشقاوة، وما يقدر يكن، وما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن، ولا نملك لأنفسنا ضرا ولا نفعا، ثم رغبوا بعد ذلك ورهبوا.
4613 حدثنا أحمد بن حنبل، قال: ثنا عبد الله بن يزيد، قال: ثنا سعيد يعنى ابن أبي أيوب قال: أخبرني أبو صخر، عن نافع، قال: كان لابن عمر صديق من أهل الشام يكاتبه، فكتب إليه عبد الله بن عمر: إنه بلغني أنك تكلمت في شئ من القدر، فإياك أن تكتب إلى، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنه سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر).
4614 حدثنا عبد الله بن الجراح، قال: ثنا حماد بن زيد، عن خالد الحذاء، قال: قلت للحسن: يا أبا سعيد، أخبرني عن آدم، للسماء خلق أم للأرض؟ قال: لا، بل للأرض، قلت: أرأيت لو اعتصم فلم يأكل من الشجرة؟ قال: لم يكن له منه بد، قلت: أخبرني عن قوله تعالى: (ما أنتم عليه بفاتنين إلا من هو صال الجحيم) قال: إن الشياطين لا يفتنون بضلالتهم إلا من أوجب الله عليه الجحيم.
4615 حدثنا موسى بن إسماعيل، ثنا حماد، ثنا خالد الحذاء، عن الحسن في قوله تعالى: (ولذلك خلقهم) قال: خلق هؤلاء لهذه، وهؤلاء لهذه.