الأحاديث معاريض (1) ومحامل مشخصة يعرفها من له إلمام بتعابيرها، كما أشار إلى ذلك مولانا الصادق عليه السلام بقوله: (لا يكون الرجل منكم فقيها حتى يعرف معاريض كلامنا، وإن الكلمة من كلامنا لتنصرف على سبعين وجها (2). فإذا كان كذلك فلا تعارض ولا تنافي.
ثم اعلم، أنه من منن الله تعالى وألطافه إلقاؤه الحقائق على ألسن المخالفين و المعاندين كي تتم الحجة، وما نحن فيه من تلك الموارد، فلاحظ حتى تصدق ما قلناه. أخرج ابن حجر الهيثمي المكي المتوفى سنة 974 في كتابه (الصواعق المحرقة) (ص 231) في باب الحث على حبهم: (أن صفية - عمة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - توفي لها ابن فصاحت، فصبرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم فخرجت ساكتة. فقال لها عمر:
صراخك، إن قرابتك من محمد صلى الله عليه وآله وسلم لا تغني عنك من الله شيئا. فبكت، فسمعها النبي صلى الله عليه وآله وسلم - وكان يكرمها ويحبها - فسألها فأخبرته بما قال عمر، فأمر بلالا، فنادى بالصلاة، فصعد المنبر، ثم قال: (ما بال أقوام يزعمون أن قرابتي لا تنفع؟ كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا نسبي وسببي (3)، فإنها موصولة في الدنيا و الآخرة).
وصح أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال على المنبر: (ما بال رجال يقولون: إن رحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا تنفع قومه يوم القيامة، والله إن رحمي موصولة في الدنيا والآخرة، و إني - أيها الناس! - فرطكم على الحوض). ولا تنافي هذه الأحاديث ما في الصحيحين وغيرهما أنه لما نزل قوله تعالى: وأنذر عشيرتك الأقربين خرج فجمع قومه، ثم عم وخص بقوله: لا أغني عنكم من الله شيئا، حتى قال: (يا فاطمة