ويمكن أن يقال: إن خلاف المفيد لا يضر في تحقق الاجماع في عصر آخر بعده، لكن اثبات هذا الاجماع مشكل.
إن قلت: كلامنا في نفس ايقاع الطلاق في الحيض الذي بعد الطهر الذي قربها فيه بأنه ليس خلاف الاجماع، فإن المفيد وجمعا من أصحابنا رحمهم الله قالوا بوقوع الطلاق فيه، فلا يكون خلاف الاجماع.
قلت: من قال بالتربص إذا قال بصحة الطلاق في الحيض الذي بعد الطهر الذي قربها فيه، كأنه قال باشتراط الانتقال أعم من أن يكون من طهر قربها فيه إلى الحيض الأول أو طهر آخر. وهذا التعميم باعتبار الانتقال إلى الحيض خلاف الاجماع، فإنه لا يتقيد به من قال بعدم التربص، ولا يقول به من قال بالتربص كما أشرنا، فخلاف الاجماع ليس باعتبار ايقاع هذا الفرد من الطلاق، بل في اعتبار الانتقال الشامل لهذا الفرد فافهم.
المسألة الثانية عشرة في اثبات الغرض في أفعال الله تعالى اعلم أن أهل الملل قاطبة قالوا باختياره، وبأن فعله معلل بالغرض، إذ لو لم يفعل للعلم بالفائدة لكان فعله عبثا، والفطرة الصحيحة تحكم بذلك وتشهد بذلك الروايات. غير أن الأشاعرة وافقوا الحكماء في أن أفعاله ليست معللة بالغرض لوجهين على ما سيجئ.
وإنما قلنا أنهم وافقوا الحكماء، فإن الحكماء وإن قالوا بأن أفعال الله تعالى معللة بالغرض، صرحوا بأن غرض فعله وغايته إنما هو ذاته تعالى.
والمتأخرون من الحكماء قالوا: إن ما اشتهر أن الغاية مترتبة على الفعل في