أما الوجه الثاني: فالوجه الأول من وجوه النظر فيه: أنا نختار أن الغرض الذي هو سبب اقدام فاعلية الفاعل هو فعليته الرازقية مثلا، فإن الله تعالى كان رازقا بالقوة، فخلق الخلق ليرزقهم بالفعل، والرازقية صفة اعتبارية لا يلزم من فعليته وكونه غرضا الاستكمال.
ولو سلم فهو لازم على كل حال، ويؤيد ذلك الحديث القدسي (كنت كنزا مخفيا فأحببت أن أعرف فخلقت الخلق لأن أعرف).
الوجه الثاني: أنا نختار أن الفاعلية، أمر اعتباري، لا يتحقق النقص باعتبار الاحتياج فيه إلى الغير، كما أن الرازقية تحتاج إلى المرزوق، ولا يلزم منه النقص.
الثالث: إن الاحتياج إلى السبب العادي لا يستلزم النقص ولا يسمى احتياجا، كما أن خلق زيد مسبب بوجود أبيه، ولا يعد ذلك نقصا في فاعليته تعالى لزيد.
الرابع: إن النقص لا يتحقق عند الأشاعرة باعتبار الفعل، كما أشرنا إليه.
الخامس: أنا نختار أن الغاية والغرض إذا كانا من صفاته لا يلزم الاستكمال بالغير، فإنه حينئذ تكون فاعليته تعالى معللا بعالميته مثلا، ولا محذور فيه، بل هو كذلك عند من ينكر الغرض في أفعاله تعالى لا يقال: الأشاعرة إنما قالوا بعدم الغرض في فعله تعالى، لأن الغرض عند من قال به فاعل لفاعلية الفاعل، ولا يقولون بفاعل غير الله تعالى.
لأنا نقول: هم لا يقولون بمؤثر في الوجود غير الله تعالى، والفاعلية أمر اعتباري. وأيضا لو صح ذلك يلزم أن لا يقولوا بالغرض في أفعالنا أيضا، على أنه لا بأس في القول بالسببية العادية، إنما الممنوع عندهم الحقيقة.
السادس من وجوه النظر في الوجه الثاني: إن العالم حادث، وفاعليته تعالى للعالم تحتاج في الحقيقة إلى الغير، لأنه لا يتصور تخلف المعلول عن علته التامة،