الفاعل، أما إذا رجعت إلى غيره كالاحسان إلى المخلوقات فلا.
لأنا نقول: إن كان الاحسان وعدم الاحسان إليهم بالنسبة إليه تعالى متساويين، لم يصلح الاحسان أن يكون غرضا، وإن كان الاحسان أولى وأرجح يلزم الاستكمال.
الثاني من الوجهين: إن غرض الفاعل لما كان سببا لاقدامه على فعله، كان ذلك الفاعل ناقصا في فعله وفاعليته مستفيدا بها من غيره، فلا مجال للنقصان بالنسبة إليه تعالى كما لا يخفى، بل كمال الله تعالى في ذاته وصفاته يقتضي الكاملية في فاعليته وأفعاله، وكاملية أفعاله تقتضي أن ترتب عليه مصالح راجعة إلى عباده، فتلك المصالح غايات وثمرات لأفعاله من غير علل غائية لها.
واتضح بما حققناه أن ليس شئ من أفعاله عبثا، أي خاليا من الحكمة والمصلحة، فلا سبيل للاستكمال والنقصان إلى عظمته وكبريائه.
قال السيد الشريف قدس سره: وهذا هو المذهب الصحيح، والحق الصريح الذي لا يشوبه شبهة ولا تحوم حوله ريبة. وما ورد من أحاديث الموهمة لكون أفعاله عللا بالأغراض، محمول على الغايات المترتبة عليها. ومن قال بتعليلها بناء على شهادة ظواهرها، فقد غفل كما تشهد به الأنظار الصحيحة والأفكار الدقيقة، أو إظهار ما يناسب أفهام العامة على مقتضى: كلم الناس على قدر عقولهم.
أقول: الوجهان منظور فيهما من وجوه:
أما الوجه الأول: فالوجه الأول من وجوه النظر: أنا لا نسلم أن الغرض لا بد وأن يكون أولى بالنسبة إلى صاحب الغرض ليكون غرضا له.
الثاني منها: سلمنا أنه لا بد من الأول لكن نقول: الأولوية أمر اعتباري لا يوجب صفة حقيقة، فلا يوجب تحققها استكمالا.