ولا يتصور قدم أثر المختار عندهم، فحينئذ لا بد من أمر آخر متى يحدث العالم من الصانع فتحتاج فاعليته إلى الغير فيلزم الاستكمال.
قال بعض المحققين: إن الغرض بالحقيقة هو علمه تعالى بالغايات المترتبة على الأفعال، فلو كان فعله تعالى معللا بالغرض لكان فعله معللا بعلمه، ولا نقص حينئذ أصلا.
ثم قال: لعل الأشاعرة لا ينكرون الغرض بالحقيقة، إنما ينكرون التأثر والانفعال الذي يحصل للحيوانات من الأغراض.
أقول: الغرض عند التحقيق هو متعلق التصديق بالفائدة، لأنه المطلوب بالفعل، ولهذا قيل: أول الفكر آخر العمل، مثلا في عمل الفخار الكوز الغرض هو شرب الماء لا التصديق بالشرب، فالكلام في أن الشرب هل هو مطلوب لفاعل أم لا؟ فإن لم يكن مطلوبا لا يمكن الفعل، وإن كان مطلوبا يلزم الاستكمال على ما قالوا.
وأيضا يمكن أن يقال: إن الأشاعرة إنما قالوا بنفي الغرض، لأن العلم ليس سببا للفعل حقيقة عندهم، وليس مقصودهم نفي السببية العادية. وفيه نظر، لأن اللائق حينئذ نفي الشرط وجميع الأسباب، فلا فائدة في تخصيص الغرض فتأمل.
ثم إن قول المحقق الشريف قدس سره: ومن قال بتعليلها إلى آخره، إشارة إلى ما اختار العلامة التفتازاني من أن الحق أن بعض أفعاله تعالى معللة بالأغراض، بناء على الروايات. قال في شرح المقاصد: الحق أن تعليل بعض الأفعال سيما شرعية الأحكام بالحكم والمصالح ظاهر، كايجاب الحدود والكفارات، وتحريم المسكرات وما أشبه ذلك، والنصوص أيضا شاهدة على ذلك كقوله تعالى: