الثالث: لو صح ذلك يلزم أن تكون الرازقية والخالقية والمغفورية التي صارت بالفعل تستلزم بعد فعليتها استكمالا، إذ لا شك أن الرازقية بالفعل أولى حين حصولهما كما لا يخفى.
الرابع: أنا نقول على تقدير عدم الغرض أن الفعل لو لم يكن بالنسبة إلى الفاعل أولى لا يصدر عنه، بل نقول: لو لم يكن واجبا لا يصدر كما تقرر.
وفيه أن هذا الوجوب غير الأولوية التي توجب استكماله.
لا يقال: اللازم هو رجحان جانب الوجود في الفعل، وأما أولويته بالنسبة إلى الفاعل فغير لازم، فلا يلزم الاستكمال.
لأنا نقول: العقل يحكم بأن الفعل لو لم يكن أولى نظرا إلى فاعله لا يصدر عنه.
وفيه أن العقل يحكم بأن هذه الأولوية لا تكفي في كونها كمالا للفاعل، إذ قد يكون الفعل نقصا، وكذا أولويته. ومثل هذا يمكن أن يورد على أصل الدليل، ويحتمل أن يجاب عنه هناك.
الخامس: إن الغرض إذا كان سببا عاديا، كما أن النار سبب عادي للاحراق عند الأشاعرة، لا يلزم منه الاستكمال، فإن الذات يمكن أن تفعل بلا سبب، فلا يكون ناقصا.
السادس: الأشاعرة لا يقولون بالقبح العقلي باعتبار الأفعال بالنسبة إلى الله تعالى، ويصرحون بأن مرجع القبح في الأفعال إلى النقص، فحينئذ لا نسلم تحقق النقص والكمال، فلا يتصور الاستكمال. على أنا نقول: قالت الأشاعرة بعدم تحقق النقص في الأفعال، فيتصور حينئذ القول بالنقص والاستكمال.
لا يقال: قالت الأشاعرة بتحقق القبح والحسن بمعنى النقص والكمال، فيجري ذلك في الأفعال.
لأنا نقول: إنما قالوا ذلك باعتبار الصفات لا في الفعل.