خلاف ذلك بطل، وعند الشافعي وباقي الفقهاء فعل حراما وصح طلاقه.
أما الحرمة، فلأن الأمر بالشئ يستلزم النهي عن ضده.
وأما الصحة، فلأن النهي لا يستلزم الفساد. ونحن نمنع الثانية، فإن النهي عن نفس الطلاق، وقد تقدم أن عند المحققين أن النهي عن نفس الشئ أو جزئه أو لازمه يدل على الفساد.
ثم إن هذا العموم مخصوص بأمرين:
أحدهما: غير المدخول بها.
وثانيهما: الغائب عنها زوجها غيبة يعلم انتقالها من طهر إلى آخر، أو خرج عنها في طهر لم يقربها فيه بجماع، فإن هاتين يصح طلاقهما من غير تحريم، وعلى ذلك اجماع أصحابنا وتظافر أخبارهم، ويدل على الأولى آية الأحزاب على ما سيأتي، انتهى.
فظاهر الاستثناء يقتضي وقوع الطلاق في الغائب عنها زوجها مع العلم بالحيض.
واعلم أن للروايات احتمالات:
أولها: أن يكون الطلاق في الغائب عنها زوجها مشروطا بالعلم بالطهر، بوجه يمكن علم الزوج بعادة الزوجة أو عادات النساء.
ثانيها: أنه يكتفي بعدم العلم، لأن الغائب لا يقدر على ضبط حال المرأة، مع أن نظر الشرع إلى عدم وقوع الطلاق في وقت الحيض.
والغائب عن الزوجة لما لم يتيسر له غالبا العلم بحال الزوجة من طهرها وحيضها، أقيم عدم علمها مقام العلم، فصار مدة التربص ما يظن معها انتقال المرأة من طهر إلى آخر مع عدم العلم بكونها حائضا، سواء ظن طهرها أو لا.
والعمومات الدالة على اعتبار الطهر تحفظ بقدر الامكان، فلا يقع الطلاق حال العلم بالحيض.