وأما قوله في القواعد: وإن صادق إنما هو في مسألة أخرى.
وأيضا يفهم من قوله: وإن صادق، إنه يجوز التطليق مع عدم العلم، ولا يستلزم عدم الجواز مع العلم بالحيض.
أما المقام الثاني هو متعلق كلام الشارح العلامة، وهو أنه إذا صححنا الطلاق عملنا بالروايات العامة والخاصة بعد الجمع بينهما، وهو ما ذكره الشيخ العلامة من أن الأخبار الدالة على وجوب التربص مدة ليصح الطلاق، لا يصح اجراؤها على ظاهرها من الاختلاف والتنافي ولا اطراح بعضها، فلم يبق إلا الجمع بينها بالحمل على أن المراد مراعاة زمن يعلم الزوج الغائب حصول الحيض بعد طهر الجماع والانتقال عنه إلى الطهر، وأن الاختلاف منزل على اختلاف عادات النساء في حصول الحيض باعتبار شهرا أو ثلاثة أشهر أو خمسة أو ستة، فقد أشركت أخبار التربص في أن الانتقال من طهر إلى آخر شرط صحة الطلاق من الغائب، ولو ظنا مستفادا من عادة المرأة إن كانت معلومة، وإلا فمن غالب عادات النساء.
ولا ريب أن ما اشتركت فيه هذه الأخبار مخصص بعموم الخبرين الدالين على جواز تطليق زوجة الغائب على كل حال، ولا شك أيضا أن الخبرين المخصصين يخصصان عموم المنع من طلاق الحائض، فيصح الطلاق المذكور.
فخلاصة الكلام أن الدلائل الدالة على عموم المنع من طلاق الحائض مخصصة بالخبرين الدالين على جواز تطليق زوجة الغائب على كل حال، والخبران المذكوران مخصصان بالأخبار الدالة على التربص، ولا محذور في ذلك، والقول بأن الخبرين المذكورين لما لم يكن ظاهرهما مرادا لم يمكن التخصيص بوجه من الوجوه محل منع، نعم كلام الشارح العلامة مجمل، ما ذكر شيئا يدل مفصلا على المعنى المراد، لكن لا مانع من حمله على ما ذكرنا، انتهى.