اعلم أن علماء التفسير كلما في التنقيح قالوا: إن المراد بقوله تعالى:
(طلقوهن لعدتهن) ايقاع الطلاق في الطهر الذي لا جماع فيه.
وظاهر الآية كظاهر الأحاديث الدالة على ايقاع الطلاق في الطهر لا يختص بالحاضر، فحينئذ إذا نظرنا إلى الروايات الواقعة في الغائب وجمعناها مع الروايات الواقعة في ايقاع الطلاق في الطهر الذي لا جماع فيه، يظهر تحريم الطلاق مع العلم بالحيض كما قاله الشيخ سلمه الله.
لكن ظاهر كلام الأصحاب استثناء الغائب زوجها عن الآية، وكذا عن الأحاديث، فحينئذ لا يصح الاستدلال بالآية على حال الغائب.
وأيضا من قال بالتربص كالشيخ في النهاية قال: إذا غاب عنها في طهر قد قربها فيه بجماع لا يطلقها حتى تمضي ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر، ثم يطلقها بعد ذلك أي وقت شاء يدل كلامه على أن العلم بالحيض لا ينافي الطلاق.
وصاحب التنقيح تصدى لجمع الروايات بوجه آخر، وهو أن ما يدل على الوجوب فالأمر فيه للاستحباب، وما دل على الحرمة فالنهي فيه للكراهة.
فيتخلص أن الطلاق مطلقا واقع، سواء كان عالما بالحيض أو لا، إلا أنه يفهم من كلام التنقيح أن المراد بالغيبة: الغيبة التي يمتنع وصول خبر الزوجة إلى الزوج فلا يعلم حالها، إلا أن يراد بالعلم الظن بحيضها باعتبار عادتها أو غالب عادات النساء.
في كنز العرفان قوله تعالى: (طلقوهن لعدتهن) أي لوقت عدتهن، لأن الكلام للتأقيت. وفيه دلالة على وجوب ايقاع الطلاق في أطهر، لأن الأقراء هي الأطهار لما يجئ، وهو مذهب أصحابنا والشافعي، لكن عندنا هو فعل