كما أن ذكر العلة وهي قوله تعالى " ان تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين " لا يدل على اعتبار العلم في العمل بالاخبار، بل الجهالة هنا بمعنى السفاهة، وما لا يكون عقلائيا، وحيث إن الاعتماد على خبر الثقة أمر عقلائي ليس فيه سفاهة ولا ندامة ولو تبين كونه خلاف الحق، فهو من قبيل العلم الذي هو جهل مركب لا ندامة في العمل به من حيث الاعتماد على أمر غير عقلائي، بل من حيث الخطأ وهو محتمل في جميع الأمارات الشرعية والعرفية وفي حق غير المعصومين.
ومما ينبغي أن يذكر ان مورد الآية وشأن نزولها من الموضوعات لا من الأحكام وهو الخبر بارتداد قبيلة بني المصطلق، والعجب من جماعة من الأصوليين حيث استدلوا بها على حجية خبر العدل في الأحكام، اخذا باطلاق الآية، ولم يستدلوا بها على حجيته في الموضوعات الذي هو موردها، فهل يمكن تخصيص العموم وتقييد الاطلاق باخراج المورد وشأن نزولها؟ كلا.
وقد يستدل هنا بآيات الشهادة (1) ولزوم اظهارها، وحرمة كتمانها، مثل قوله تعالى " ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه " (2) وقوله تعالى:
" وأقيموا الشهادة لله " (3) وقوله تعالى: " كونوا قوامين بالقسط شهداء لله " (4) وقوله عز من قائل: " ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا " (5) إلى غير ذلك.
وكأنهم استندوا في ذلك إلى دليل اللغوية، وان الاظهار لو كان واجبا لوجب القبول، والا كان لغوا، ولكن هذا غير تام، كما ذكر في أشباهه من وجوب اظهار العالم علمه وغيره، فإن دليل اللغوية يدل على أن في الاظهار فائدة، ولكن هذه الفائدة