والظاهر كما ذكره جمع من المحققين انه ليس لهذا اللفظ حقيقة شرعية، بل ليس فيه مظنة ذلك، فاللازم ان يحمل على معناه اللغوي والعرفي، وايكال امره إلى العرف، ولعل التعاريف السابقة أيضا ناظرة إلى تنقيح معناه العرفي، ولذا قد يرى في بعض كلماتهم الجمع بين تعريفين أو تعاريف متعددة كما في الشرايع والقواعد مع أن بينهما فرقا ربما تتفاوت سعة وضيقا.
نعم ظاهر كلام المحقق في تعريفه ان المدعي هو الذي يترك لو ترك الخصومة وقيل هو الذي يدعي خلاف الأصل أو أمرا خفيا، اختلاف الأقوال في المسألة، وقد يقال إن المنشأ في اختلاف القولين اختلاف قول الشافعي كما حكى عن الروضة للرافعي:
" في معرفة المدعي والمدعى عليه قولان مستنبطان من اختلاف قول الشافعي في مسألة اسلام الزوجين، أظهرهما عند الجمهور ان المدعي من يدعي أمرا خفيا يخالف الظاهر والثاني من لو سكت خلي وسكوته ولم يطالب بشئ... إلى أن قال:
ولا يختلف موجبهما غالبا، وقد يختلف كما إذا أسلم زوجان قبل الدخول، فقال الزوج أسلمنا معا فالنكاح باق، وقالت بل على التعاقب ولا نكاح، فإن قلنا إن المدعي من لو سكت ترك فالمرأة مدعية فيحلف ويستمر النكاح (اي يحلف الرجل) وان قلنا بالأظهر فالزوج مدع لأن ما يزعمه خلاف الظاهر (اي تقارن الاسلامين) وهي مدعى عليها فتحلف (المرأة) ويرتفع النكاح - انتهى - " (1).
ولكن مع ذلك نرى الجمع بين التعاريف الثلاث في بعض كلمات العلامة حيث قال: المدعي هو الذي يترك لو ترك الخصومة، أو الذي يدعي خلاف الظاهر، أو خلاف الأصل (2).
وظاهر هذه العبارة عدم الاختلاف بين مفاد هذه التعاريف.